“مسرى الغرام”

“مسرى الغرام”
يعقوب غبيس
عسى تمرُّ وعيني فوقَ مسراها
أو قد يُحَمَّلُ لي في الجوِّ رياها
قُمْ يا غطائي فما لي قوةٌ جُمِعَتْ
ترجو ابتعادَك إلا الهمُّ غطَّاها
وجرعةُ السم تجري في الوريدِ ضُحى
وأنْهرٍ صُبَّ في الأوصالِ مجراها
ودمعها الأصفرُ الذباحُ يفتكُ في
جسمي وتقصفُ لي قلبي مناياها
تبكي علي وتُبكيني مدامعها
ومطلعُ الغم مصحوبٌ بمبكاها
تلومني جرعتي أني أجرجرُها
والجسمُ مُهترئٌ والقلبُ جرَّاها
غزتْ بهِ سرطانَ الشوق فاقتتلوا
والخبثُ حُصِّنَ في عظمي فأعياها
فدمرَ الغزوُ من آمالنا وطناً
وقلعتي قصفُهم في الأرضِ سوَّاها
دارتْ رحى الحربِ لم تهدأْ بنادقُهم
وليسَ تُنشَلُ من روحي ضحاياها
عيناي تشردُ في كل الطريق عسى
سيارةَ الحبِّ تسري تحت مرآها
وكم تشبثتُ في قضبان نافذتي
والموتُ يدخلُ مِنْ فِيها فأبكاها
والصبحُ يغسلُ وجه الأرضِ مُبتسماً
فترشفُ الشمسُ قطْراً من سجاياها
نسيتُ ساقيَّ ما فيهن من وجع
أما حبيبةُ قلبي لستُ أنساها
يا روحُ روحي إليها أينما وُجدَتْ
وقبِّلي الثغرَ واجتاحي مُحياها
وعانقي القلبَ وانسي أنني وطنٌ
إن عادني الموت فاأوي في حناياها
خذي إليها من القضبان ما عَصرتْ
كفَّايَ من لوعتي واروي خلاياها
ومِعصماي بكَا من قيدِها ألماً
وأمطرَتْ حمَماً فوقي ثُريَّاها
أعطيتُها الحبرَ كي تمضيْ وثيقتَنا
فاستبدلتْ برصاصٍ حبرَ إمضاها
ما كنتُ أعرفُ أسباباً لِما فعلتْ
حتى تحسَّسْتُ مِمحاةً بيسراها
وفي اليمينِ وريدي باتَ يحرقني
وأجرعُ الغدرَ معصوراً بيمناها
قد فخَّختني وفي إبهامها كبستْ
زر الخيانة فاستودعتُني اللهَ
وفجرتْني ودمعُ العين أحبسُهُ
قد تنثرُ العينُ مِن روحي شظاياها
ماتتْ أمانيَّ في البيداءِ عاريةً
والكفُّ في حفنةِ النسيانِ واراها
بحثتُ عنها ولكن تحت جثتها
ثرى الجفاءِ فلم يترك بقاياها
ورحتُ أبحثُ عندي عن وصيَّتها
لكن من القيدِ لم تكتبْ وصاياها
لولا الوعودُ لما أبقيتُ قيدَ هوىً
ولم أعدْ أحداً بالحب لولاها
عسى إذا خاننِي الأشرارُ تحفظُني
ولمْ يَخنِّي بأرضِ اللهِ إلاها
وقد دعوتُ وعينُ اللهِ تنظرُني
وقدْ تخيَّلْتُ قربي في الدجى طهَ
والهمُّ عندي يناغيني ويلثمُني
والموتُ للروحِ بالتغريدِ ناغاها
والآهُ يلطمُ وجهَ الليلِ مُنتقماً
فيصرخُ الليلُ مِن أعماقهِ آها !
ياربِّ خففْ بجاهِ المُصطفى ألمي
وليسَ يعدلُ جاهُ المصطفى جاها
– ما سبق مقتطفات من قصيدة “مسرى الغرام” ..
– الموقف للتوضيح وفهم معنى الأبيات فقط: كنتُ في كل يوم أصحو في المستشفى أزيحُ عني الغطاء لأقومَ وأجرجرَ جرعتي بجانبي لأقفَ على نافذة غرفتي بجسدي المُهترئ لأنظر إلى الطريق ” الأوتستراد” وأقول : عسى تمرّ بالسيارة صباحاً من تحت ناظريَّ ثم بعد ذلك كله خانت حُبي. فكانت قصيدة “مسرى الغرام”