مقالات

معاكي يا فلسطين”.. زحف مصري إلى معبر رفح دعمًا لغزة

معاكي يا فلسطين".. زحف مصري إلى معبر رفح دعمًا لغزة

معاكي يا فلسطين”.. زحف مصري إلى معبر رفح دعمًا لغزة

بقلم: [محمود سعيد برغش]

 

في لحظة فارقة من التاريخ، تَدفّق مئات المصريين من مختلف المحافظات إلى معبر رفح البري، حاملين معهم أعلام فلسطين وصور الشهداء، وأملًا بأن يصل صوتهم إلى ما وراء الحدود.. إلى غزة الجريحة.

المشهد لم يكن مجرد وقفة تضامنية، بل صرخة صادقة من قلب شعب لا يعرف الحياد حين يُقصف الأطفال، وتُهدم البيوت، وتُغتال الأحلام.

“معاكي يا فلسطين”.. أكثر من شعار

من القاهرة والإسكندرية والمنوفية وأسيوط وسوهاج والبحيرة، جاء الناس بسياراتهم وحافلاتهم، يداً بيد، وقلباً واحداً، هاتفين: “معاكي يا فلسطين”.

الرجال رفعوا اللافتات، النساء وزّعن الماء، الأطفال رددوا الهتافات، في صورة وطنية اختلط فيها الغضب بالحزن بالعزة. تلك العفوية الشعبية الصادقة تؤكد أن فلسطين ليست قضية حدود، بل قضية وجدان.

معبر رفح.. بوابة الألم والأمل

معبر رفح ليس مجرد نقطة حدودية، بل رمز لحصار طويل وشريان حياة لمليونَي فلسطيني في قطاع غزة. كل خطوة يخطوها مصري نحو هذا المعبر، تعني موقفًا إنسانيًا صلبًا ضد العجز والتواطؤ الدولي.

في كل مرة يُغلق فيها المعبر، تضيق الحياة في غزة. وفي كل مرة يُفتح، يولد أمل، ولو صغير، في نجاة مريض أو عبور دواء أو دخول قافلة غذاء.

العدوان مستمر.. والمواقف متباينة

منذ بداية التصعيد الأخير في غزة، سقط آلاف الشهداء، بينهم أطفال ونساء، ودُمرت مئات المنازل، والمستشفيات، والمدارس. وسط هذا الدمار، تباينت ردود أفعال الأنظمة العربية بين بيانات شجب باردة وتحركات محدودة، فيما بقيت الشعوب هي الصوت الأكثر صدقًا وجرأة.

التحرك المصري نحو معبر رفح يعكس هذا التباين بوضوح: الحكومات قد تُقيدها السياسة، لكن الشعوب لا تُقيّدها الدماء.

من الغربية إلى غزة.. شهادة حب لا تموت

قال أحد المشاركين من محافظة الغربية:
“أنا مش جاي عشان أتصور، أنا جاي أقول لغزة: إحنا معاكم، إحنا فاهمين وجعكم”.

أما سيدة خمسينية جاءت من الصعيد، فكانت دموعها أبلغ من كلماتها، حين قالت:
“كل مرة أشوف طفل فلسطيني بيبكي، بحس إني أمّه.. ومش قادرة أعمل حاجة غير إني أكون هنا”.

حين تتحدث الشعوب بصوت أعلى من الحكومات

هذا التحرك الشعبي يُعيد تأكيد أن فلسطين ليست وحيدة، وأن الوعي الشعبي لا يُشترى ولا يُقيَّد. الشعوب تتحدث حين تصمت المؤسسات، وتتحرك حين تتواطأ الأنظمة، وتنتصر للإنسان حين يُهان على مرأى العالم.

رسالة مفتوحة للعالم: غزة تناديكم.. فهل من مجيب؟

الزحف المصري إلى معبر رفح هو نداء مفتوح للمجتمع الدولي: افتحوا المعابر، أوقفوا المجازر، لا تقتلوا الضمير الإنساني أكثر مما مات بالفعل.

ولأن العدل لا يُقاس بميزان القوة، بل بميزان القيم، فإن مشهدًا شعبيًا بسيطًا على معبر رفح، قد يكون أصدق من ألف مؤتمر دولي صامت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى