مقالات
مواصفات الزوجة الصالحة التقية ” جزء 4″

مواصفات الزوجة الصالحة التقية ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع مواصفات الزوجة الصالحة التقية، وإن الزوجة الفاضلة تدعو الله صباح مساء أن يرزقها حب زوجها، وأن يحببه فيها، فالحب رزق ينزل من السماء ويقسم بين العباد، فيطلب بالدعاء، وبالسعي للحصول عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن السيدة خديجة رضي الله عنها “إني قد رُزقت حبّها” فإن الزوجة الفاضلة هي من تهتم بشأن الأولاد اهتماما خاصا، وتعتني بمشاعرهم،
وتراعي ظروفهم وحالاتهم، وتحسن تأديبهم وتربيتهم، وتدعو الله لهم بالتوفيق والفلاح، والزوجة الفاضلة ليست نكدية ولا عصبية، ولا صامتة ولا شاردة بل هي مبتهجة مسرورة، لبقة في كلامها، فحضورها واضح في حياة زوجها، وكذلك فإن الزوجة الفاضلة تهيئ لزوجها الجو المناسب ليبوح بمشاعره نحوها.
ويسد جوعتها العاطفية بفيض من همساته ولمساته، فيزرع لها شجرة الثقة بنفسها، فتكون تلكم اللحظات الزوجية الدافئة بينهما، والزوجة الفاضلة من الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، فهي لربها عابدة، وفي دنياها زاهدة، تذكر زوجها باليوم الآخر وفقه القدوم على الله، وأيضا فإن الزوجة الفاضلة هي من تصنع بإيمانها وحسن خُلقها أسرة صالحة، متكونة من زوج تقي وأبناء بررة، وإن الإعداد لتكوين الأسرة المسلمة يرجع إلى حقبة السنوات السابقة على إعلان مراسم الزواج، فبمقدار ما يكون كل من الزوجين قد نشئ على الفهم الواعي لمبادئ الإسلام، وتربي على تطبيقه لفضائله الرفيعة وآدابه، بمقدار ما يكتب لزواجهما النجاح، ولكيان أسرتهما المرتقب السداد والفلاح.
ومن هنا ألح الإسلام على الخاطب ضرورة إعمال أقصى درجات التثبت والتحقق والتحري في اختيار شريكة العمر ورفيقة الدرب، وجعل لذلك أسسا ينبغي على كل مسلم أن يلتزمها علي قدر استطاعته ليضمن لكيانه الجديد أن يُبنى على الصلاح والتقوى، وليظفر بالتالي برضوان الله وسعادة الدنيا والآخرة، وإن الطريق إلى الزوجة الصالحة هو الاستخارة الشرعية، فإذا وجد ذات الدين فعليه أن يستخير الله تعالى فيها، فالله عز وجل يعلم خفايا الأمور وخفايا النفوس
، فتقول كما قال عليه الصلاة والسلام “اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فقدّره لي ويسّره لي، ثم بارك لي فيه.
وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبه أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، وقدّر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به، ويسمي حاجته” وذلك بعد صلاة ركعتين، وأيضا من الطرق هو تعليمها أمور الدين، فيعلمها حق الله عليها وحق زوجها، وحق أهلها وحق مجتمعها، ويعلمها مكارم الأخلاق من وقاية القلب من أمراض الحسد والبغضاء، ووقاية اللسان من الغيبة والنميمة، والسب والكذب، ويراقبها في ذلك كله ما استطاع إلى المراقبة سبيلا،
فقال الله تعالى في سورة التحريم ” يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون” وقال الإمام عليّ رضي الله عنه “أدبوهم وعلموهم” وقال مجاهد رحمه الله “اتقوا الله وأوصوا أهليكم بتقوى الله”
وقال الضحّاك “حق على المسلم أن يعلم أهله ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه” وهكذا فبالدعاء، والبحث عن ذات الدين، الاستخارة، تعليمها أمر دينها، فبذلك تصلح الزوجة، وتكون المودة والرحمة والسكن والسعادة، ولعل أهم الأسس التي ينبغي مراعاتها في اختيار الزوجة هو اجتناب المُحرمات، بأن لا تكون مُحرمة حرمة أبدية أو مؤقتة،
وهو أول ما ينبغي أن يضعه المسلم في اعتباره، حين التفكير بالإقدام على اختيار زوجة له، وإن التحريم المؤبد يمنع المرأة أن تكون زوجة للرجل في جميع الأوقات، وهو إما أن يكون بسبب النسب، أو المصاهرة، أو الرضاع، وقد أوضحت الآيات الكريمة أن المحرمات من النسب سبع، وهن الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمّات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت.