نبيل أبوالياسين : من الغطرسة إلى إستراتيجية «ترامب» الغامضة في تعيين الشخصيات المثيرة للجدل
نبيل أبوالياسين : من الغطرسة إلى إستراتيجية «ترامب» الغامضة في تعيين الشخصيات المثيرة للجدل

نبيل أبوالياسين : من الغطرسة إلى إستراتيجية «ترامب» الغامضة في تعيين الشخصيات المثيرة للجدل
🔵 الغطرسة قناع القوة أم جذر السقوط
الغطرسة، تلك السمة التي تتردد أصداؤها عبر التاريخ، تظل واحدة من أكثر الصفات إثارة للجدل، هل هي مجرد قناع يخفي وراءه شعوراً عميقًا بالقوة والتفوق؟ أم أنها الجذر الخفي الذي يقود حتماً إلى السقوط؟، من القادة العسكريين الذين سقطوا بسبب ثقتهم المفرطة بأنفسهم، إلى الشخصيات العامة التي فقدت شعبيتها بسبب تعاليها، تقدم لنا الغطرسة دروسًا لا تُنسى عن التوازن الدقيق بين الثقة بالنفس والغرور، فهل يمكن أن تكون “الغطرسة” مجرد وهم، وقناع يلبسه البعض لإخفاء نقاط ضعفهم؟، أم أنها بالفعل تعبيرعن قوة حقيقية وإن كانت مؤقتة؟، وأصحبنا نحلل الأسباب الكامنة وراء غطرسة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، وآثارها على الفرد والمجتمع، وهل هي قناع القوة الذي يعزز المكانة الأمريكية، أم جذر السقوط الذي يقودها إلى الإنهيا؟، والإجابة قد تكون أكثر تعقيداً مما نتصور، ففي عالم يسعىّ فيه البشر دائماً إلى تحقيق القوة والسيطرة، تظهر الغطرسة كظاهرة إجتماعية وسياسية تعكس رغبة الفرد في التميز والتفوق على الآخرين، لكن ما هي الغطرسة حقًا؟ هل هي قناع يخفي وراءه ضعفاً وعدم أمان، أم أنها جذر السقوط الذي يؤدي إلى إنهيار الإمبراطوريات والأنظمة؟.
🔵 الفرق بين الغطرسة والقوة الحقيقية في سياسة الدول
في عالم السياسة الدولية، يمكن ملاحظة الفرق بين الغطرسة والقوة الحقيقية من خلال سلوك الدول وسياساتها الخارجية والداخلية، والغطرسة تعكس سلوكاً استعلائياً وقصير النظر، بينما القوة الحقيقية تعتمد على إستراتيجيات طويلة المدىّ تعزز المكانة الدولية وتضمن الإستقرار، وإليك أيها القارئ توضيح للإختلافات الرئيسية، التي أتعمد إستعراضها عليكم في مقالي هذا، وأوضح أمور مهمة أبرزها أن الدول العربية والإسلامية ليست ضعيفة أمام غطرسة الرئيس الأمريكي” دونالد ترامب” فالسلوك الأمريكي والصهيوني “الغطرسة” يتسم بالتصرفات العدوانية أو التهديدية كما نشاهدها الان في تصريحات حكومة نتنياهو لـ”غزة” من حين لآخر رغم هزيمتهم المذلة، مثل إستخدام لغة الترهيب أو التهديد بالرجوع للحرب، وتعتمد على إظهار القوة العسكرية أو الإقتصادية بشكل مبالغ فيه، دون وجود إستراتيجية واضحة، وترفض التعاون الدولي أو تعتبره علامة ضعف، مما يؤدي إلى العزلة الدبلوماسية والسياسية.
أما “القوة الحقيقية” تتسم بالدبلوماسية الهادئة والحوار البناء لحل النزاعات، وتعتمد على إستخدام القوة بشكل مدروس ومحدود، مع التركيز على تحقيق أهداف إستراتيجية وسياسية تشجع التعاون الدولي وتشارك في التحالفات والمبادرات العالمية لتعزيز السلام والإستقرار بشكل عادل وشامل ومستدام، أما بشأن “العلاقات الدولية” فإن “الغطرسة” تخلق عداوات مع دول أخرىّ على مستوىّ الحكومات والشعوب بسبب سياساتها المتعالية أو العدوانية، فضلاًعن؛ أنها تفقد ثقة الحلفاء بسبب عدم إحترامها للإتفاقيات أو القوانين الدولية، وهذا ما نشاهده في الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل وكان من المفترض أن تؤدي إلى فرض عقوبات إقتصادية أو سياسية عليهما من قبل المجتمع الدولي المتمثل في مجلس الأمن الدولي لكن حق “الفيتو” حصنهم من العقوبات المفروضة، على نقيض “القوةالحقيقية” التي تبني علاقات قوية مع دول أخرىّ من خلال الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة، تحافظ على إلتزامها بالإتفاقيات الدولية، مما يعزز مصداقيتها على الساحة العالمية، وتكتسب دعماً دولياً في الأزمات، بسبب سمعتها كدولة مسؤولة وموثوقة كما يراىّ البعض في سياسة “الصين” على سبيل المثال.
🔵 النتائج على المدى الطويل
الغطرسة: تؤدي إلى تآكل مكانة الدولة العالمية بسبب سياساتها العدوانية أو غير المسؤولة، وتسبب آزمات إقتصادية أو إجتماعية داخلية بسبب سوء الإدارة والإنفاق غير المدروس، وتفقد تأثيرها العالمي وتصبح معزولة دبلوماسياً وسياسياً، والقوة الحقيقية: تعزز مكانة الدولة كقوة عالمية مسؤولة ومحترمة، وتحقق إستقراراً داخلياً وازدهاراً إقتصادياً بسبب سياساتها المتوازنة، تكتسب تأثيراً عالمياً من خلال المشاركة الفاعلة في القضايا الدولية، وأمثلة تاريخية: عن “الغطرسة” سياسات “ألمانيا” النازية في الحرب العالمية الثانية، التي أدت إلى دمارها وعزلتها، وسياسات الإتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، التي أدت إلى إنهياره بسبب التوسع المفرط، لذا: يجب أن تدرك أنظمة الدول العربية بأن قوتهم الحقيقية تكمن في مساعدة الدول العربية لبعضها البعض إعادة بناء إقتصاد عربي إسلامي قوي إسوةً وإعادة إعمار غزة وسوريا وحل النزاع في السودان وإعادة إعمارها إسوةً بمشروع “مارشال” الذي أعاد بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، والخلاصة: في سياسة الدول، الغطرسة تعكس سلوكًا قصير النظر يعتمد على إظهار القوة بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى العزلة ثم السقوط أما القوة الحقيقية، فهي تعتمد على إستراتيجيات طويلة المدىّ تعزز الإستقرار الداخلي والتعاون الدولي، مما يضمن مكانة الدولة كقوة عالمية مؤثرة ومسؤولة ومحترمة، والغطرسة قد تعطي إنطباعاً بالقوة لفترة قصيرة، لكن القوة الحقيقية هي التي تبني الإرث وتضمن البقاء.
🔵 عندما تفقد الإمبراطورية توازنها
الولايات المتحدة الأمريكية أصحبت واحدة من أقوىّ الإمبراطوريات في التاريخ من خلال عوامل كثيرة لكن أهم عاملين أساسيين هما تماسك المجتمع الأمريكي وصياغة قوة داخلية جماعية ديناميكية فاعلة، والعامل الثاني: هو بناء تكتل من الحلفاء حول العالم الذين وفروا لـ”واشنطن” الحضور والإنتشار والنفوذ والدعم والولاء،
ولكن ما يقوم به” ترامب” الآن هو تقويض تماسك المجتمع وهدم مؤسساتة بشكل ملفت، ونشوء صراع داخلي قوي حول الثروة والسلطة، وعلى المستوى الخارجي خيانة الحلفاء والتخلى عنهم وإضْمِحْلال التحالفات، وعلى رأسها دول أوروبا الحليف التاريخي الأقوىّ، والسؤال؛ هنا ماهو مستقبل الإمبراطورية الأمريكية في ظل هذه التقلبات وإلى أين يأخذها الرئ