مقالات

وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ .. بقلم محمد أبوالنصر

وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ
يقول تعالى{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) }
{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ البحر} أي اذكروا أيضاً إِذ فلقنا لكم البحر حتى ظهرت لكم الأرض اليابسة فمشيتم عليها
و{فَرَقْنَا} الفرق: الفصل والتمييز ومنه {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106] أي فصلناه وميزناه بالبيان
{فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} أي نجيناكم من الغرق وأغرقنا فرعون وقومه
{وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ} أي وأنتم تشاهدون ذلك فقد كان آية باهرة من آيات الله في إِنجاء أوليائه وإِهلاك أعدائه
{وَإِذْ وَاعَدْنَا موسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} أي وعدنا موسى أن نعطيه التوراة بعد أربعين ليلة وكان ذلك بعد نجاتكم وإِهلاك فرعون وصيغة المفاعلة في قوله {وَإِذْ وَاعَدْنَا} ليست على بابها لأنها لا تفيد المشاركة من الطرفين، وإِنما هي بمعنى الثلاثي {وَإِذْ وَاعَدْنَا} .
{ثُمَّ اتخذتم العجل} أي عبدتم العجل
{مِن بَعْدِهِ} أي بعد غيبته عنكم حين ذهب لميقات ربه
{وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} أي معتدون في تلك العبادة ظالمون لأنفسكم
{ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم} أي تجاوزنا عن تلك الجريمة الشنيعة
{مِّن بَعْدِ ذَلِكَ} أي بعد ذلك الاتخاذ المتناهي في القبح
{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي لكي تشكروا نعمة الله عليكم وتستمروا بعد ذلك على الطاعة
{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ (53)} أي واذكروا نعمتي أيضاً حين أعطيت موسى التوراة الفارقة بين الحق والباطل وأيدته بالمعجزات والعطف في قوله {الكتاب والفرقان} هو من باب عطف الصفات بعضها على بعض، لأن الكتاب هو التوراة والفرقان هو التوراة أيضاً وحسن العطف لكون معناه أنه آتاه جامعاً بين كونه كتاباً منزلاً وفرقاناً يفرق بين الحق والباطل.
{لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي لكي تهتدوا بالتدبر فيها والعمل بما فيها من أحكام.
ثم بيَّنَ تعالى كيفية وقوع العفو المذكور بقوله {وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} أي واذكروا حين قال موسى لقومه بعدما رجع من الموعد الذي وعده ربه فرآهم قد عبدوا العجل يا قوم لقد ظلمتم أنفسكم
{باتخاذكم العجل} أي بعبادتكم للعجل
{فتوبوا إلى بَارِئِكُمْ} أي توبوا إِلى من خلقكم بريئاً من العيب والنقصان قال أبو السعود: {فتوبوا إلى بَارِئِكُمْ} التعرض بذكر البارئ للإِشعار بأنهم بلغوا من الجهالة أقصاها ومن الغواية منتهاها، حيث تركوا عبادة العليم الحكيم، الذي خلقهم بلطيف حكمته، إِلى عبادة البقر الذي هو مثلٌ في الغباوة.
{فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} أي ليقتل البريء منكم المجرم
{ذلكم} أي القتل
{خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} أي رضاكم بحكم الله ونزولكم عند أمره خير لكم عند الخالق العظيم و{بَارِئِكُمْ} الباري هو الخالق للشيء على غير مثال سابق، والبرية: الخلق.
{فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي قبل توبتكم
{إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم} أي عظيم المغفرة واسع التوبة.
محمد أبوالنصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى