
(٥٧) أوديب ،، ٢٠٢٥،، لم يعد للملك أحد
بقلم حمدى بهاء الدين
لقد أصبح الملك وحيد بلا رفقة بلا سند بلا ظهر ، لا يد تمسك بيده ، لا أحد يثق به ، لا أحد يفضى إليه بمكنون نفسه وخلجات روحه ، لم يعد له أحد يبثه حزنه ويشكو إليه ضعفه وحيرته وقلقه ، لم يعد له من يبك بين يديه ، لم يعد لديه من يضمه إلى صدره ويختبأ بين ذراعيه ويقول له اطمئن ستكون بخير طالما أنت هنا ، الكل تخلي عنه ، الكل يرفضه ويرفض رفقته ، لا أحد يقر له بفضل أو يقر له بتضحية ، لم يجد إلا سراب ، لم يجد من يحبه بحق ، لم يجد من هو مستعد للألم من أجله أو التضحية من أجله ، لم يجد من يقول له اطمئن أنا هنا ، أنا هنا دوما لأجلك ، أنا أحبك ولن اتخلى عنك مهما كانت الظروف ومهما كانت العواصف والأعاصير والأمواج العاتية ، أنا هنا دوما طوق نجاة لك
لقد أصبح الملك بلا عزوة تزود عنه كما كان فى الماضي يزود عن الجميع ، أصبح مفلس مشاعر ومال وثروة وهيبة ومكانة ، زاره الشيب واستقرت الخيبة فى وجدانه وتمكن اليأس منه ولم يعد فى عينيه بريق أو ألق ، لقد تغيرت ملامحه وكسا الحزن وجنتيه وصار أكبر سنا وأقل أملا ورجاء ، لقد رحلت البسمة بلا رجعة بلا أمل أن تعود وخيم الحزن على روحه وتآكلت إرادته ولم يعد يصلح لشئ
لقد أصبح الملك يعيش على الذكريات يغوص فيها ويتماهي فى نجاحات سابقة وجدها فى النهاية مجرد وهم لا يعترف بها أحد إلا هو ولا يقر بها إلا الغرباء
لقد أصبح الملك فى صراع هل يرحل ويترك كل من حوله وما حوله ؟ هل يرحل ويترك من حوله لاختياره ورغبته دون لوم أو عتاب ؟ هل يرحل دون أن يرهق أحد أو يرهق نفسه فى علاقات متأزمة ومرهقة وغير مستقرة وغير مريحة للجميع ؟
لقد حاول الملك أن يبق على شعرة معاوية حتي لا يهدر سنوات عمره على أعتاب الشك والظن والوحدة المؤلمة أو الرفقة المرهقة المتهالكة غايته أن يكون ملك أو ما تبقى منه كملك متسائلا هى تبقى الملكة رفقته أم ترحل مع الراحلين ؟ وحتى يكون هناك رد يظل الملك بلا أحد
# بقلم حمدى بهاء الدين