Uncategorized

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ

 

يقول تعالى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)

يخاطب الله أحبار اليهود فيقول لهم على سبيل التقريع والتوبيخ {أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر} أي أتدعون الناس إِلى الخير وإِلى الإيمان بمحمد وأتى بالمضارع {أَتَأْمُرُونَ} وإِن كان قد وقع ذلك منهم لأن صيغة المضارع تفيد التجدد والحدوث، وعبّر عن ترك فعلهم بالنسيان {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} مبالغة في الترك فكأنه لا يجري لهم على بال، وعلقه بالأنفس توكيداً للمبالغة في الغفلة المفرطة، ولا يخفى ما في الجملة الحالية

وهذه الآية نزلت في بعض علماء اليهود، كانوا يقولون لأقربائهم الذين أسلموا: اثبتوا على دين محمد فإِنه حق، فكانوا يأمرون الناس بالإِيمان ولا يفعلونه.

فهذه الآيات ذمٌ وتوبيخ لهم على سوء صنيعهم، حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه، ويدعون الناس إِلى الهدى والرشاد ولا يتبعونه.

{وَتَنْسَوْنَ} : تتركون والنسيان يأتي بمعنى الترك كقوله {نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] وهو المراد هنا ويأتي بمعنى ذهاب الشيء من الذاكرة كقوله {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه: 115]

وقوله {بالبر} البِرُّ: سعة الخير والمعروف ومنه البرُّ والبِّرية للسعة، وهو اسم جامع لأعمال الخير، ومنه بر الوالدين وهو طاعتهما وفي الحديث «البِرُّ لا يبلى والذنب لا ينسى»

{ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ} : تقرءون وتدرسون

{وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكتاب} فيها تبكيت وتقريع وتوبيخ.

{وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} أي تتركونها فلا تؤمنون ولا تفعلون الخير

{وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكتاب} أي حال كونكم تقرءون التوراة وفيها صفة ونعت محمد عليه السلام

{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أي أفلا تفطنون وتفقهون أن ذلك قبيح فترجعون عنه؟!

قال علي كرم الله وجهه: «قصم ظهري رجلان: عالم متهتك، وجاهل متنسك» ومن دعا غيره إِلى الهدى ولم يعمل به كان كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه قال الشاعر:

ابدأُ بنفسك فانهها عن غيّها … فإِذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل إِن وعظتَ ويقتدى … بالرأي منك وينفع التعليم

وقال أبو العتاهية:

وصفتَ التُّقَى حتَّى كأَنَّك ذو تُقَى … وريحُ الخطايا من ثيابك تَسْطَع

وقال آخر:

وغيرُ تَقيٍّ يأْمر النَّاسَ … بالتُّقَى طَبيبٌ يداوي النَّاس وهُوَ عليل

محمد أبوالنصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى