Uncategorized

الناقدان سحيم ومنصور يوجهان الكتاب الشباب

غنى منصور

استأنف فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب ملتقاه الذي حمل عنوان (الملتقى الأدبي الثقافي الشبابي) مستضيفا الشاعر كمال سحيم وبحضور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني والدكتور إبراهيم زعرور أمين سر الفرع، وبحضور عدد من الأدباء والشعراء والنقاد والمتابعين والمهتمين، وقد أدار الملتقى الشاعر قحطان بيرقدار.
قدم الشاعر كمال سحبم قصيدة بعنوان “تابوت 2” ثم تتالت مشاركات الشعراء والهواة الشباب حيث شارك الشاب محمد أبو محمود بقصيدتين “موت الضمير” و”عساها تعود” وجاءت الثانية موفقة أكثر من الأولى وأثنى الشاعر كمال سحيم على الالقاء وتماهي الالقاء مع النص وفق تعبيره.
وحول مشاركة وفاء الحمومي التي تضمنت نصين “اعترافات عاشق” و “صباح الخير”. قال الشاعر كمال:” لاحظت فيما قدمته انتباها للتفاصيل ومحاكاة للوجوه ومحاكاة للحالات التي قدمتها”.
وفي مشاركتها قرأت بيان الكنج نصين “وهم العرب” و “سلالة القصيدة” ورأى الشاعر كمال سحيم أنها كانت موفقة فيما قدمت.
وبدوره شارك الشاب فادي مصطفى بنصين “دمشق” و “في حب بلادي” سعى من خلالهما للتعبير عن مكانة الوطن السامية في وجدانه.
عقب ذلك مشاركة للشاعر الشاب محمد جبر بنصين “تعويذة الشاعر الأسود” ومما قرأه الشاعر الشاب من نص “نعيق النسر” نقتطف:
يَنحدرُ بصري
يَصطادُ كأسًا
لامعًا لازورديّ
دامسٌ هو الظلام
فوانيس القاعة تحاصره
مامن تصفيقات هنا
مُلامة هي الفكرة
ملعونة هي المنزله
حينما تتوهج
يَصفرُ المدرج
هناك في اللامكان
حيث اللاوجود للمنبر
من يعتليه حتمًا سيخسر
لست يوسف
لم يسجُد لي أحد عشرة بحرًا
شعرًا كان أم نثرًا
يرمونني ببئرهم فيفيض دمعًا.
ثرثرةٌ تبعثرُ السنديان
لم أكترث لبحيرتي
عندما اقتربتُ تَبَخرَتْ
فلا نرجسية تطاوعني
ولا خلود يرثيني
شهريار اغتال جلجامش
وذئبٌ بجناحين فضيين
وخاتمٌ أزرق حول صدره
يحتسي نبيذ النصر
نرسيس اكفهر عمره
تُحدقُ السيوف وتجتاح صدري
تُكشرُ الثعالب عن أنيابها:
(سَتُقتَل مرارًا وتكررًا
فلا بعث ولا ولادة
لطائر الفينيق
سَنبَعثرُ الرماد)
يُكبلون جناحيه
يُغرقونه في محبرة
(مُت قبل بلوغ المرحلة)
مغمور ذلك الوجه
تتفجر الفقاعات وتطفو قصائدٌ
تَعرجُ الرؤيا إلى السماء
والأن قُبلة على جبين الشهيد.
وقد رأى الشاعر كمال سحيم أن محمد جبر قام بحشد الكثير من الرموز التاريخية ولم يستطع توظيف كل هذا الحشد لصالح مقولته الشعرية.
واتسمت مشاركة الشاعر محمد قاقا بأنها جذبت انتباه الحضور عبر القائه المتميز. جاءت القصيدة الأولى بعنوان”لو” والثانية بعنوان “طيف” وفيما يلي القصيدة الأولى:
أرأيت لو لمستْ شفاهُك وجنتي
من ذا يقاوم سُكرتي وجماحي
من ذا يعيق تورطي في باطنٍ
للكف أشهى من عقيق الراح
ارأيت إن ضمت ذراعُك أضلعي
ضم السماء لطاهر الأرواح
أيعود ينصفني الثرى في ضمة
وأنا قتيلك دونما إفصاح
دمعٌ تخلّل ريقَهُ متمرداً
ماإن لثمت الثغر قبل رواحي
وكأنه ينوي الوداع بسره
أحسسته بفراسة اللماح
بالفعل قال متمتماً لن نلتقي
ثم اختفى… متثاقلاً متناحي
نال الشحوب مناله من وجنتي
وتمكنت من خافقي أشباحي
ياللسذاجة ما فعلتُ لكي أرى
ذاك الجحودُ ينال من أفراحي
آذيت روحي حين خِلت وعودَهُ
تخشى فراقي مثلما أتراحي
فرميت نفسي للحياة مشيعا
إن الحياة تميت دون سلاح
عمري يناهز أربعين ونيفاً
أزجيت فيها بسمتي بجراحي
وحجبت وجهي مرغماً بأصابعي
أخفي ملامح خيبتي ونواحي
كل الذين ضممتهم بجوانحي
زرعوا رماح رحيلهم بجناحي
وحول قصيدة طيف أشار الشاعر كمال سحيم إلى كونها قصيدة على البحر الطويل أثبت الشاعر قاقا من خلالها أنه متمكن من المونولوج.
وجاءت قصيدة الشاعرة آيات جوبان بعنوان “سجين الحب”:
سجين الحب..
أراقب الموت مفتوناً بمرتقبِ
عيني إليه متى يأتي إلى طلبي
أعد عمريَ بالساعات أحسبه
وتسرقه جهارا رغم محتسبي
أعوامه الغر من أمنٍ ومن قلقٍ
ضاعت بعينيك بين الصمت والهربِ
فكم سكبت به دمعا بغير بكىً
وكم بكيت بدمع غير منسكبٍ
أخادع الناس في قول وفي ضحكٍ
وأكتم الحزن بين العين والهدب
أمضي على كيد عذالي مكابرةً
فلستُ أطمح بالصفصاف من رطبِ
والحبُّ؟ آهِ لحبٍّ، عاصفٍ عتباً
يهذي من الجَد ، أو يهذي ، من الّلعِبِ ؟
كأنني سلعة ما إن حظيتَ بها
حتى قذفت بها في قصرك الذهبي
ملئت كفيك اوراقاً مطرزة
بأبلغ القول من شعري ومن ادبي
وهبت قلبي .دمائي ادمعي قدري
ماذا بقي ومن الاشياء لم اهب!!
أوحيت بالصد والنسيان !! وا اسفي
واعين الخلق بعد اليوم تشمت بي
وانت تكذب وفي عينيك المحها
ما أروعَ القول؟ إن توحيه بالكذبِ
ولفت الشاعر كمال سحيم إلى كون قصيدة الشاعرة آيات ، قصيدة ذاتية شفيفة تنم عن عاطفة صادقة عبرت فيها الشاعرة عن الانكسارات ورغم ذلك لم تغفل مسألة الأمل.
وأشار الشاعر سحيم في الختام إلى أن “بحر الخليل” وفق تعبيره سيطر لدى أكثر المشاركين وقال:” لا أقرأ سوى الخير من هذه الظاهرة فالاعتراف بالقصيدة هو اعتراف بنشأتها الأولى صعودا نحو لحظة تبشير عند الشاعر”.
وبدوره أكد الشاعر قحطان بيرقدار على ضرورة الانتباه من قبل المشاركين الشباب إلى سلامة اللغة العربية وهذا ما أكدته أيضا الأستاذة الشاعرة نيفن الأزهر وناقشت فيه بعض المشاركين نقاشا تحفيزيا تجاه لغتنا المجيدة.. وأكدت أن كثرة التسكين وعدم ضبط الكلمات بالشكل الصحيح جعل قصيدة وهم العرب للشابة بيان الكنج في شبهة أنها قصيدة باللهجة العامية.
ونوهت الأزهر إلى حاجة الشابة وفاء الحموي إلى تكثيف الصورة الشعرية في نصها “صباح الخير”.
وفي ختام الفعالية تم فتح باب الآراء والانطباعات النقدية للسادة الحضور ومما قاله الشاعر جمال المصري:
“الفتيات المشاركات كانت نصوصهن بلا هوية موسيقية أو أي هوية”.
“الشاعر محمد أبو محمود مستوى صوتي واحد لم يخدم قصيدته”
” محمد جبر قدم نصين غلب عليهما الغموض ولم يستطع توظيف ما استحضره من رموز اسطورية ولم يصلني مما قاله أي شيء ولم يحرك وجداني ، حيث أنه حشد الرموز بلا غاية”
ونصح الشاعر جمال المصري الشاعر الشاب محمد جبر بتتبع نبض الحياة.
وبدوره رأى الأديب سامر منصور أن الشاعر الشاب محمد جبر لايستطيع التميز بين الغموض والاغماض وأن الرمز أثقل نصوصه عوضا عن حملها عبر أفق الرؤى والدلالة.
وحول ماقدمته الشاعرة آيات جوبان قال منصور:” قصيدة ذات مطلع مميز وهي قصيدة من فئة “قصيدة الحالة النفسية” وتحتوي مشاعر مركبة وصراع داخلي عبرت عنه الشاعرة بصور شعرية موفقة. ونجت من طوباويات الحب التي تشكل النم السائد في الكتابة الشعرية العربية ، ونحت نحو حالة إنسانية مألومة مأزومة يمكن أن نجدها في واقعنا.
وأشاد منصور بمهارة الشاعرة بالالقاء واصفا القاءها ب”السحري”.
وحول قصيدة الشاعر محمد قاقا قال الأديب سامر منصور:” جاء موضوع قصيدته “طيف” مواكبا لما نعيشه من انكار للآخر ولوعات الفراق والاغتراب نتيجة الهجرة مما يكسب القصيدة أثرا أشد على النفس ودوما يجيد الشاعر محمد التقاط موضوعاته من تلك الحمأة المتوهجة التي تتقد في صدور السوريين جراء مايعيشونه من حرب ومنعكساتها”.
وأضاف منصور:” الشاعر محمد قاقا شاعر متمكن القاء وحضورا وتمتلك قصائده المعادل الموضوعي الذي يجعله شاعرا طليعيا ماماهيا مع هموم ومشاغل مجتمعه الوجدانية النفسية والذهنية وهو يستحضر القيم السامية في خم عرضه للأوجاع والمفارقات الاجتماعية بطريقة ديناميكية مؤثرة خلافا للكثير من الشعراء الآخرين الذين يلجأون إلى أدب الوعظ والى أسلوب خطابي تنظيري لايحرك الوجدان وينبذه العقل لنمطيته ولكونه مكررا”.
ولفت منصور إلى كون الشاعر محمد قاقا يكتب قصائدا شجية حزينة يقف فيها على أطلال الأخلاق والقيم في هذا البلد المخرب ويطالب بالبعث والاستقامة والنهضة بأسلوب معبر يراوح بين المباشرة واللامباشرة.
واختتم منصور بتوجيه بعض الملاحظات الى بقية المشاركين ومما قاله نذكر:” في كل مجال من مجالات الحياة هناك متعلم وهناك متعلم مبدع ، فنجد خريجا مهندسا يطبق ماتعلمه فقط ، ونجد خريجا مهندسا مبدعا وكذلك الحال في كل المجالات باستثناء الفن وخاصة الكتابة الأدبية ، فإما أن تكون متغلما مبدعا أو لاتكون شيئا في هذا المجال .. فلايكفي ان تكون متعلما للنظ على بحور الشعر كي تكون شاعرا .. أما من ليس متعلما حتى لأصول اللغة السليمة ولايحاول تجاوز المبدعين بما يكتب ، فعليه أن يعيد النظر بما يقوم به.. فكما يقول بابلو بيكاسو: “عليك تعلم القواعد كمحترف كي تكسرها كفنان”.
واستشهد منصور حول مسألة القصور الإبداعي ببيت الشاب محمد أبو محمود الذي قال فيه:
فما خلق الله لها شبيها
وكل محاسن الدنيا حباها
حيث عقب منصور على هذا البيت قائلا:”لقد سمعنا مثل هذا القول كثيرا حتى “ستي الختيارة” ورغم الزهايمر تقول:” فلانة مافي منها كاملة مكملة”.
واختتم الملتقى الشهري بكلمة لرئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد حوراني أكد فيها على أهمية القراءة وأن طريق الإبداع لاينتهي وبحاج إلى القراءة والاجتهد المتواصل.
وأوضح الدكتور محمد أهداف الملتقى الأدبي الثقافي الشبابي وأهمية حضور النقد إلى جانب المشاركات الأدبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى