شعر و ادب

أدبيات ” بقلم/ أ.د.أحلام الحسن ” السرقات الأدبية “

” أدبيات ”
بقلم/ أ.د.أحلام الحسن

” السرقات الأدبية “

من أهم القضايا التي تواجه الساحة الأدبية في عصرنا عصر التكنلوجيا قضية القلم وما أدرانا ما القلم ! إنّ قيم المجتمعات وأدبياتها تُعرف بما تُقدّمه من كتاباتٍ مختلفة، سياسيةٍ كانت، أو أدبية، أو متعددة الواجهات، وإنّ أيّ مجتمعٍ يفتقر للقلم وللكاتب الجيد لا يُعدُّ مجتمعًا فعّالا في خدمة البشرية، بل لعلّه يكون هادمًا لها وبطريقةٍ عفويةٍ وساذجة.
لا يغيب عن الأذهان ما للقلم من أهميةٍ لا يُستهان بها في إصلاح وتطوير العنصر البشري، من خلال التعليم، ومن خلال نشر الثقافات المفيدة والمتعددة، ونشر مختلف أصناف الأدب الراقي وما للأدب من تأثيرٍ رهيبٍ على تحفيز العقول والمشاعر والعاطفة بأصنافها الوطنية والعاطفية وغيرها؛ وتوطيد علاقاتٍ اجتماعيةٍ ثقافيةٍ وعلمية، أو العكس في تنفير وتشويش علاقات المجتمع الثقافية واﻷخلاقية،حسبما نوعية ما يقدّمه هؤلاء الكتّاب والأدباء، أو هذه اﻷقلام بأنواعها الإيجابية والسلبية، فهناك من ينأى بنفسه عن إثارة الفتنة والفوضى ، ويعالج مشاكل مجتمعه بقلمٍ حكيمٍ متقن، أمثال هؤلاء الأدباء والكتّاب نقف لهم وقفة إجلالٍ واحترامٍ لكتاباتهم وأدبياتهم، ويشهد التاريخ بما خلّفه الأدباء الأوائل من المعاصرين والماضين من ثروةٍ أدبيةٍ كانت لنا مرجعًا أدبيًا ضخمًا ومدارس تعلّمنا منها الكثير من أدبنا العربي الزاخر بالروائع، إلّا أنّ من المؤلم والمؤسف جدًا أن تظهر ظاهرةٌ أخلاقيةٌ وإجراميةٌ لم تك في أجيالنا الماضية ! وهي ظاهرةٌ متفشية من قضايا القلم، ألا وهي ظاهرة السّرقات الأدبية بشتى أنواعها شعرًا كان، أو نثرًا،أو قصة، أو مقالا، وحتى النقد الأدبي والتّحليل الأدبي لم يسلم من السّرقات !
بل وبكلّ وقاحةٍ يُقدم السّارق أو السّارقة على مسابقاتٍ أدبيةٍ مدعومة بأصدقائه ليحرز في النهاية المركز الأول أو المراكز الأولى وفقًا لحجم دعم المسؤولين في ساحة المسابقة، أو جهلهم أو تغافلهم عن الملكية الفكرية للنّصّ المقدّم لهم، وعدم التأكد من توثيقه الأصلي باسم من، ولولا تيقّن هذا السّارق أو السّارقة بالدّعم لهُ أو بتغافل الجهة المسئولة عن المسابقة أو الجريدة أو دور النشر لما أقدم على هذا ” إلّا أن يكون غبيًا أو محترفًا قويًّا في سرقات النّصوص ” .
والسّؤال هنا على من تقع مسئولية هذه التجاوزات والترهّلات واللامبالاة لما سيحدث من جرّاء هذه السّرقات ؟!!
ومن إعطاء شهادات الفوز لهذا السارق مؤكّدةً نسبة النّصّ له، أو السّماح لهُ بنشره في الصّحف والمجلات!! وعلى من ستقع مسئولية هذه التجاوزات
أهي على السّارق ؟
أم على الجهة الداعمة لهُ ؟
أم على دور النشر والأندية الأدبية ؟
وما هي المصالح المشتركة بينهما لهذا الدّعم ؟!
وما هي كيفية التعامل مع دور النشر التي نشرت لهُ بسبب الجهل والغفلة ؟!
بالفعل إنّها قضية دينٍ وضمير، فمن لم يكن لهُ من نفسه رادعٌ فلا رادع له، ومن لم يخف الله لن يترددَ عن هذه الجرائم سواء كان السّارق نفسه أم الجهة الدّاعمة له.
إنّ قمّة الإنحطاط البشري أن نجد أمثال هؤلاء في مجتمعاتنا العربية يصولون ويجولون كيفما يشاؤون غير آبهين بما سيتركونه للأجيال القادمة من أدبٍ مسروقٍ ينسبُ لعدّة أشخاص !!.
وماذا سيتعلم الجيل الجديد منهم ؟!!
بكلّ معنى الكلمة هم أشدّ الأيدي فتكًا بالأدب العربي
ناسين قول الله تعالى ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))
قد يسرق الإنسان جائعًا ليأكل، أو لديه أطفالٌ جياع وأسرة جائعة وتحيّرت به السّبل، وقد يسرق لسداد دينٍ أو لعلاج مريضٍ له، وغير ذلك من الإحتياجات البشرية الملحة، حينها قد نلتمس لهُ بعض الأعذار ويعفو الإنسان ويصفح، مع أنّ حسابات اللّه تعالى في السّرقة صارمة جدًا بسبب ما لتفشي ظاهرة السّرقة من أضرارٍ بليغةٍ حاليةً كانت، أو مستقبلية على المجتمع وعلى المتضرّرين وضحايا السرقات .
وما يهمنا في هذه المحطة الأدبية إلقصيرة هو أنّ ظاهرة السرقات الأدبية الكاملة، أو الجزئية، أو القيام بعملية التحوير من نصّ ٍ أدبيّ ٍ فصيحٍ إلى نصّ ٍ عاميّ ٍ مثقوبة الرؤى لن تخدم السارق للنهاية، وستظلّ جعبته فارغة العطاء الفكري الذي يسير دفّة القلم الأدبي، متغذّيةً على بقايا أقلام الآخرين.
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
المصدر: كتاب السبيل إلى بحور الخليل” كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر”
لمؤلفته أ.د.أحلام الحسن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى