الدكتور محمد الجندي : بمحاسبة النفس تصفو القلوب وتعلو درجتها عند الله تعالى
الدكتور محمد الجندي : بمحاسبة النفس تصفو القلوب وتعلو درجتها عند الله تعالى

الدكتور محمد الجندي : بمحاسبة النفس تصفو القلوب وتعلو درجتها عند الله تعالى
كتب – محمود الهندي
قال فضيلة الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، إن النفس لا تبدو لمعتها ولا يظهر نورها إلا إذا حميت وطرقت بمطارق المجاهدة، مصداقا لقوله تعالى: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا”، لافتا أن هناك صراع محتدم داخل كل مؤمن، صراع تمثله قوة مادية أرضية ظلمانية، وقوة روحانية نورانية علية صفية، فالقوة الظلمانية هي التي تجر صاحبها إلى الغفلة والحقد والحسد والضغينة، والقوة الصفية العلية هي التي تجر صاحبها إلى النور وإلى ذكر الله والصيام وحفظ اللسان، ذلك اللسان الذي من أجله وضع الصديق أبوبكر حصاة في فمه وقال: “هذا الذي أوردنا الموارد”، بالغيبة والنميمة وغيرها .
وبين فضيلته خلال درس التراويح، اليوم الثلاثاء، بالجامع الأزهر، أن النفس كما قال الغزالي هي المعنى الجامع للصفات المذمومة، وهي التي تشكل القوة الحيوانية في الإنسان، والتي تعد صولجانا يواجه القوة الروحية، باعها أصحاب رسول الله عندما باعوا الدنيا التي جرت الأنفس إليها ابتغاء مرضات الله، هذه الدنيا التي وجدنا أصحاب نبينا “صلى الله عليه وسلم” يعرضوا بالأنفس عنها إعراضا، فسيدنا أبو يزيد حاسب نفسه، وسيدنا عمر بن الخطاب من قبله حاسب نفسه، لما ضاع عن سيدنا عمر “رضي الله عنه” وقت من أوقات الصلاة “صلاة المغرب” في جماعة، فما كان منه إلا أن تصدق بمائتي ألف درهم، عقابا لنفسه، وسيدنا عبدالله بن عمر لما فاتته صلاة العصر في جماعة، أقام ليلة كاملة، ليحاسب نفسه ويعاقبها .
وأوضح أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن هناك منافذ تشكل أعمالنا، منها منفذ العين، والتي تشبه جهاز التصوير، تلتقط صورة الأشياء، وإما أن تعكس نورا في القلب أو تعكس فيه ظلمة، ومنفذ اللسان وهو كالشوكة في الجوف، يغتاب الناس أو يذكر الله، فإما أن يصب في الجوف نورا أو يصب فيه ظلمة، ومنفذ السمع وهو ثقب مفتوح على القلب، إما أن يصب ذكرا لله وإما أن يصب سوادا، فحاسبوا أنفسكم على الصلاة وعلى تلاوة القرآن، فها هو أبو يزيد الرقاشي، قد حاسب نفسه قائلا: “ويحك يا يزيد من يصلي عنك عند ربك بعد موتك، ومن يصوم عنك عند ربك بعد موتك، ومن يتصدق عنك عند ربك بعد موتك، ثم نادى في الناس: أيها الناس، ألا تنوحون ألا تبكون، من الموت طالبه والدود أنيسه والقبر داره والتراب فراشه، فما بالكم بالفزع الأكبر الذي تنتظرون”، فنحن نحتاج إلى مثل هذه المحاسبة، فبها تصفو القلوب من كل ما يعلق بها، وتعلو درجتها عند الله سبحانه وتعالى .