ثقافة وفن

رواية : ثرثرة لا يسمعها العالم.

رواية : ثرثرة لا يسمعها العالم.

رواية : ثرثرة لا يسمعها العالم.

للكاتبة: عبير نعيم أحمد.Abeer Ahmed

هي رواية. تتميز بأسلوبها السردي الفريد الذي يمزج بين الواقع والخيال، متحررة من قيود الزمان والمكان والوعي واللاوعي وتتناول أهم قضايا المجتمع ، الطبقية بين الأغنياء والفقراء، الاغتراب النفسي والتشظي في مجتمع يعاني من صراعات داخلية يزداد مراسها كلما دنوت من خط الهامش.

ميزت الشخصيات (في ما عدا الشخصية الرئيسة) في الرواية بعمقها ورمزيتها برغم محدودية أدوارها في الحكاية، حيث تقدم الكاتبة عبير نعيم تحليلاً نفسيًا غير مباشر لكل شخصية، تاركةً للقارئ تفهم واقعها ومآلات سلوكها.

البيئة الزمنية للرواية غير محددة مما يعكس حالة التشظي التي تعيشها الشخصيات. والمكان يلعب دورًا مهمًا في الرواية، حيث يُستخدم كرمز للصراعات الداخلية والخارجية، مثل كوخ عائلة رسلان، وقصر رب العمل، والسجن ..

“ثرثرة لا يسمعها العالم” تقدم رؤية فلسفية وإنسانية حول مفهوم القهر والغوص في عمق الإنساني في مجتمع لا يسمع لأنه منشغل بالصراعات..

الجوع كرمز في الرواية ليس مجرد حالة جسدية، بل يمتد ليصبح رمزًا للمعاناة النفسية والوجودية. ويعكس بعمق المعنى في حياة تفتقر إلى الاستقرار والكرامة الإنسانية الممثله في الشخصية الرئيسية (رسلان وزوجته) تكافحان للحفاظ على كرامتهما رغم الفقر المدقع. يظهر ذلك في محاولات عدم التسول ورفضهما الإذلال، حتى عندما يكون الجوع شديدًا. وكيف يتحول الجوع بعد ذلك إلى ألة تحطيم الكرامة والشرف.

 تعكس الرواية حالة الاغتراب التي يعيشها الإنسان في المجتمع، حيث يشعر الفرد بالانفصال عن الآخرين وعن نفسه. الشخصية الرئيسة (رسلان) تعيش في عالم داخلي معقد، يبرز فيه الشعور بالوحدة والعزلة.

كما يظهر الصراع الداخلي بين رغباته الأساسية للبقاء على قيد الحياة وحاجته للحفاظ على كرامته وكبريائه وسلامته العقلية والرغبة في الاستمرار بمحاولات الهرب من السجن الذي علق بداخله لافتة :”من يجد أن العدل الحقيقي في الخارج فليهرب).

رواية قصيرة (٧٤ صفحة)، ويمكن أعتبارها قصة طويلة مكتملة العناصر القصصية متحوره حول فكرة وحدث رئيسي واحد، وعلى حبكة متماسكة. والشخصيات معبرة بشكل مكثف عن الفكرة المحورية، كل عنصر في الرواية يسهم في تعزيز هذه الوحدة، مما يجعلها تجربة متكاملة.

أي كان تصنيفها فهي عمل أدبي مكثف ومركز، يعالج موضوعًا و فكرة واحدة بأسلوب رمزي لكنه مؤثر. تطلب من الكاتبة مهارة عالية في السرد بالتركيز والتكثيف لتحقيق الأثر المطلوب بأقل الكلمات الممكنة.

وقد نجحت في كتابة رواية تُجسد معاناة الإنسان في أقسى صورها، فهماً عميق للكرامة الفردية والصراع مع الذات والمجتمع. تعد هذه الرواية عملاً أدبياً يستحق القراءة للتأمل في معاني الحياة، المعاناة، والوجود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى