مقالات

(٥٤) أوديب ،، ٢٠٢٥ ،، الملك يموت ولا يتسول

(٥٤) أوديب ،، ٢٠٢٥ ،، الملك يموت ولا يتسول

(٥٤) أوديب ،، ٢٠٢٥ ،، الملك يموت ولا يتسول

بقلم حمدى بهاء الدين

لقد فهم الملك حقيقة الحياة ، أدرك حقيقة من حوله ، أدرك قيمته وعلم مكانته ، علم أن لا أحد يريده لذاته ، لا أحد يرغب فى وجوده ، لا أحد يقبل أن يكون ملك إلا على نفسه ، لا أحد يريد ولايته ولا وصايته ، كل الغاية منه أن ينفق أن يدفع لا أكثر
لقد أيقن الملك أن رحيله غاية الجميع وراحة للجميع تأكد أن بقاءه مؤلم وحضوره محزن ومن ثم قرر الرحيل ، قرر أن يوفق بين رسالته ومعاناته ، قرر أن يرحل بوجدانه ومشاعره ولا يرحل بضميره ، لم يعد يطلب الموت لكنه يأمل أن يكون ، لا يفكر فى الانتحار لكنه يستجدي الموت ، لم يعد يعبأ بنظرة الرعية له ، لم يعد يعبأ بنظرة الملكة له أو رأيها فيه ولا ظنها به ولا اتهامها له ، علم ما يرضيها ويرضي الرعية ، علم بكل ما يحقق له السكينة والطمأنينة ، علم أن الدرهم هو الحل ، هو السبيل لشراء كل شىء ، شراء الاحترام ، شراء الود ، شراء الحب ، شراء الحضن والقبول والمعاشرة
لقد قرر الملك أن يكون موجود وغير موجود ، قرر أن يبقي موجود جسديا وأن يرحل وجدان ومشاعر ، قرر أن يغلق قلبه ويهيمن على مشاعره ويتحكم فى رغباته
لقد قرر الملك أن يري الجميع بعين الزاهد لا بعين الراغب ، قرر أن يترك مسافة بينه وبين الجميع ، قرر أن يتجاهل كل اتهام ويتجاوز كل شك وظن ، لقد انكسر شىء داخله ، شئ لا يمكن جبره أو إصلاحه أو تعويضه
الملك فقد الثقة فى نفسه وفى كل من حوله ، لم يعد ذات الملك الذى كان ، الملك المتحكم فى كل شىء ، الملك الذى يتبعه ويخضع له الجميع ، أصبح ملك كرتوني ، ملك على الورق ، ملك فى الظاهر وعبد فى الباطن والخفاء
لقد أيقن الملك أن كل شىء محتمل وأن لا أحد فوق مستوى الشبهات والظن ، أنه من الخطأ أن تمنح أحد الثقة المطلقة ، من الخطأ أن تسلم نفسك لأحد تسليما كليا دون حذر ودون تحوط ، لا يجوز أن يفرض نفسه على أحد سواء كان قريب أو غريب
لقد قرر الملك أن يموت ملك كما عاش ملك
قرر أن يموت ولا يتسول لأن الموت بكرامة أكرم من الحياة بذل
# بقلم حمدى بهاء الدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى