مقالات

هل تنهض الأمم المتحدة من قبر واشنطن؟ الصين تُحلق وخدعة المساعدات تتهاوى 

هل تنهض الأمم المتحدة من قبر واشنطن؟ الصين تُحلق وخدعة المساعدات تتهاوى 

هل تنهض الأمم المتحدة من قبر واشنطن؟ الصين تُحلق وخدعة المساعدات تتهاوى

 

في قلب المعاناة الغزية التي فضحها العالم، حيث تتوالى صور الجثث والجوع في شوارع غزة، تبرز حقيقة صادمة: أنظمة العالم الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لا تكتفي بـ”فيتو الدم” الذي يعيق العدالة، بل تبتكر مخططات خبيثة للتحكم حتى في لقمة عيش المحاصرين، بينما يتراجع نفوذ واشنطن في الأمم المتحدة تاركاً الساحة للصين لتشكل قواعد العالم، وتنكشف مؤامرة “مؤسسة المساعدات” الأمريكية-الإسرائيلية، لتثبت أن أفعال القوى العظمى ليست مجرد أخطاء سياسية، بل جرائم ممنهجة تدفن الضمير الإنساني، فهل تخرج الأمم المتحدة أخيراً من القبر الذي حفرته لها واشنطن لتُستغل لقتل الشعوب بدلاً من حمايتها؟.

 

قبضة أمريكا على الأمم المتحدة: فيتو الدم يقتل الأمل

تتعمد الولايات المتحدة، وربيبتها إسرائيل، تدمير أي فرصة لإنصاف غزة بانتهاكها الصارخ لكافة القوانين الدولية، فبينما يعاني أهالي القطاع من أبشع صور الإبادة والتجويع، استخدمت واشنطن حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن أربع مرات لتعجيزه عن إصدار قرار بوقف إطلاق النار أو وقف المجازر، وهذه ليست مجرد أداة دبلوماسية، بل هي “فيتو الدم” الذي يقتل الأمل ويشرعن الجريمة، وهذه السياسة العدوانية لم تدفن فقط مصداقية الأمم المتحدة، بل عززت التصور بأن المنظمة الدولية أصبحت أداة في يد قوى كبرى لقتل الشعوب لا لحمايتها.

 

مؤامرة المساعدات: “المؤسسة الإنسانية” قناع خبيث

لم تكتفِ أمريكا بضمان استمرار حرب الإبادة عبر الفيتو، بل تجاوز الأمر ذلك إلى محاولة خبيثة للسيطرة على ما تبقى من شريان حياة لغزة، فـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، التي أنشأتها إسرائيل بشراكة أمريكية، كانت مخططاً محكماً لتجنب إرسال المساعدات عبر الأمم المتحدة وتوزيعها وفق أجندة الاحتلال، ولقد استقال رئيسها، جيك وود، فاضحاً المستور بقوله “من غير الممكن” الالتزام بالمبادئ الإنسانية، وهذا يثبت أن حتى العمل الإغاثي تم تلويثه بمصالح خفية تهدف إلى إدامة التجويع وتفكيك المجتمع الغزي تحت ستار “المساعدة”.

 

 

فشل المخطط: الكلاب تلتهم الجثث وأجساد الأطفال

وبقدر ما كانت المؤامرة محكمة، كان فشلها ذريعاً ومروعاً، فقد كشفت التقارير الإسرائيلية ومكتب الإعلام الحكومي في غزة عن انهيار كامل لمشروع توزيع المساعدات الأمريكي-الإسرائيلي في جنوب القطاع، والاكتظاظ الشديد والضغط أدى لاستيلاء الغزيين على كل شيء، وهروب المسلحين التابعين للشركة الأمريكية، بل واستدعاء الجيش لإنقاذ موظفيهم، والمشهد المرعب الذي هز الضمير العالمي هو رؤية والحيوانات الضالة تلتهم جثث الأطفال في شوارع غزة نتيجة المجاعة الممنهجة التي جعلت حتى الحيوانات الضاله تنبش الركام للبحث عن جثث الضحايا لتلتهمها، والفشل المتعمد في إيصال المساعدات، وهذا الفشل ليس إدارياً، بل إنساني وأخلاقي يفضح نوايا “الإغاثة” المزعومة.

 

عزلة واشنطن: الصين تملأ الفراغ وتشكّل المستقبل

بينما تنغمس واشنطن في تواطؤها مع جرائم إسرائيل، وتستخدم الفيتو لتعجيز مجلس الأمن، فإنها تدفع بنفسها نحو العزلة وتتنازل عن نفوذها العالمي، حيث أن “جانا نيلسون” و”كريس لو” يؤكدان أن ابتعاد الولايات المتحدة عن الأمم المتحدة، وتقليص تمويلها، سيؤدي إلى تحول زلزالي في القوة العالمية: نظام تعددي تتشكل قواعده بشكل متزايد وفقاً لشروط الصين، فـ”بكين” تستفيد من هذا الفراغ لتعزيز معاييرها ومصالح شركاتها، مهددة بفرض قيود على الإنترنت وتحديد مستقبل الذكاء الاصطناعي، مما يضع القيم الأمريكية على المحك ويمكّن النماذج غير الديمقراطية عالمياً.

 

صرخات الضمير: الأمة تستجوب أنظمتها

في ظل هذا التغير العالمي الصادم، حيث تُفضح مؤامرات المساعدات وتُدان جرائم الإبادة، يبقى السؤال الموجع معلقاً: أين سند الأغلبية العظمى من الدول العربية والإسلامية؟ الشعوب تغلي غضباً، وأصبحت قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار، وتجاهل هذا الغضب ليس حكمة سياسية بل جريمة ضد رغباتهم، فمنذ عامين، نسمع التصريحات، لكن الإبادة مستمرة وصمت الأنظمة لا يزال سيد الموقف، وخذلان غير مسبوق سجلته صفحات التاريخ كوصمة عار،  وسيبقى السؤال المرير للأجيال القادمة: من المسؤول عن إذلال الأمة، الأنظمة أم الشعوب؟.

 

وأختم مقالي وأقولها بكل وضوح إن ما يحدث اليوم يتجاوز مجرد الصراع السياسي، إنه محك للضمير الإنساني والأخلاقي العالمي، وإن كشف المخططات الخبيثة للتحكم في المساعدات وفشلها المروع، بالتوازي مع تآكل النفوذ الأمريكي في الأمم المتحدة، يمثل لحظة فارقة، ودماء الأطفال الأبرياء التي تلتهمها الكلاب في شوارع غزة، وصمت الأنظمة المتخاذلة، و”فيتو الدم” الأمريكي، كلها حقائق تصرخ في وجه كل من يدعي الإنسانية، وعلى الأمم المتحدة أن تنتفض من رماد تواطؤها، وعلى الشعوب أن تواصل صرختها، لأن التاريخ لن يرحم، ولن يغفر لمن اختار الصمت في وجه الإبادة، أو من حاول التلاعب بآلام الضحايا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى