مقالات

نبيل أبوالياسين: “لن تُملى علينا الإرادة” دول البريكس تتحدى ترامب

نبيل أبوالياسين: "لن تُملى علينا الإرادة" دول البريكس تتحدى ترامب

نبيل أبوالياسين: “لن تُملى علينا الإرادة” دول البريكس تتحدى ترامب

في مشهد عالمي يتشكل على وقع تحديات كبرى، يرتفع صوت الحق والسيادة من قلب مجموعة البريكس، ليواجه غطرسة الهيمنة الأمريكية التي بلغت مداها، وإن تهديدات الرئيس ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية ليست مجرد إجراء اقتصادي، بل هي محاولة لإملاء الإرادات وتقويض سيادة الدول، ولكن هذه المرة، يجد نفسه أمام جبهة صلبة من دول اختارت طريقها نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، ترفض الإملاءات وتُعلي قيمة الاستقلال.

صرخة السيادة: البرازيل تقود التحدي

“لا نحتاج إلى إمبراطور، نحن دول ذات سيادة!” بهذه الكلمات المدوية، يصف الرئيس البرازيلي تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على دول البريكس بأنها “غير مسؤولة”، وهذه التصريحات ليست مجرد رد دبلوماسي، بل هي إعلان واضح عن رفض التدخل الأمريكي المفرط في شؤون الدول، وصوت البرازيل هنا ليس فرديًا، بل يعكس موقفًا جماعيًا لدول ترى في سياسات ترامب محاولة لإعادة فرض هيمنة عفا عليها الزمن، في عالم يتجه نحو التعددية القطبية.

العملاق الآسيوي: الصين ترفض الحمائية

من بكين، يرتفع صوت وزير الخارجية الصيني وانغ يي ليؤكد أن “الولايات المتحدة تتدخل في كل شيء بشكل مفرط، فلتبدأ أولاً بتنظيم شؤونها الداخلية!”، وتعلن الصين بوضوح أن دول البريكس لا تسعى للمواجهة بشأن الرسوم الجمركية، بل ترفض مبدأ الحمائية الذي لا يأتي إلا بخسائر للجميع، وهذا الموقف يعكس رؤية البريكس في بناء نظام اقتصادي عالمي قائم على التعاون لا على الإملاءات والحروب التجارية التي لا رابح فيها.

صلابة الموقف: الهند والكرملين يردان

لا تبدو نيودلهي قلقة، فوفق مسؤولين هنود، تهديدات ترامب الأخيرة بفرض رسوم جمركية إضافية على دول البريكس لا تثير لديهم قلقًا كبيرًا، ومن موسكو، يرد الكرملين بلسان المتحدث ديمتري بيسكوف بأن “بريكس” لم تهدف أبداً لتقويض الدول الأخرى، وهذا يؤكد أن المجموعة تأسست على مبادئ التعاون والمصالح المشتركة، وليس على أساس معاداة أي طرف، وهذه المواقف تؤكد تماسك جبهة البريكس في وجه الضغوط الخارجية.

تهمة “العداء لأمريكا”: ذريعة للهيمنة

لقد ذهب ترامب بعيدًا في تهديداته، مصرحًا بأنه سيفرض رسومًا جمركية إضافية بنسبة 10% على “أية دولة تصطف مع سياسات مجموعة بريكس المعادية لأمريكا”، وهذه التهمة المبهمة وغير المحددة بوضوح تكشف عن ذريعة للتدخل وفرض الإرادة، وليست سياسة تجارية شفافة، ويواصل ترامب إرسال رسائل التهديد لعشرات الدول، مهدداً برفع الرسوم الجمركية إلى مستويات قياسية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقات تجارية وفق شروطه.

البريكس: قوة صاعدة لا ترهبها التهديدات

لقد توسعت مجموعة البريكس لتشمل قوى اقتصادية كبرى مثل مصر والإمارات، وتضم أعضاء جددًا وشراكات أوسع، مما يعكس تحولًا جذريًا في موازين القوى الاقتصادية العالمية، وهذه المجموعة لا تسعى لتحدي الهيمنة الغربية بالمواجهة، بل بتقديم بديل لنظام عالمي متعدد الأقطاب يعكس الواقع الاقتصادي الجديد، وتهديدات ترامب الاقتصادية لا تزيدها إلا تماسكًا وقوة، فالبيان المشترك لقمة البريكس أظهر قلقًا جديًا من “الإجراءات الجمركية الأحادية”، في إشارة واضحة لسياسته.

العدالة الدولية: إسبانيا تلاحق مجرمي الحرب

في موازاة هذا التحدي الاقتصادي، تتحرك العدالة في اتجاه آخر، فقد أعلنت إسبانيا رسميًا محاكمة نتنياهو وقادة إسرائيل في محاكمها الداخلية لارتكابهم جرائم حرب، في خطوة غير مسبوقة تؤكد أن يد العدالة الدولية بدأت تمتد لتلاحق المجرمين، وهذا التحرك، الذي بدأ بشكوى ميكانيكي بحري إسباني تعرض للقمع خلال محاولة كسر حصار غزة، يرسل رسالة واضحة بأن جرائم الحرب لن تمر دون عقاب، وأن القانون الدولي، وإن بدا معطلًا، سيجد طريقه ليُطبق على الجميع.

وختامًا: عصر الهيمنة يتهاوى

إن المشهد العالمي اليوم يرسم صورة واضحة: عصر الهيمنة الأحادية يتهاوى أمام صعود قوى ذات سيادة ترفض الإملاءات، ومن أصوات قادة البريكس الرافضة لتهديدات ترامب، إلى قرارات دول مثل إسبانيا بملاحقة مجرمي الحرب قضائياً، تتبلور ملامح نظام عالمي جديد، ولم يعد بوسع أي قوة، مهما عظمت، أن تملي إرادتها على شعوب تدرك قيمة سيادتها وكرامتها، وإن التهديدات الاقتصادية ومحاولات التحريض على الأنظمة لن تزيد هذه الدول إلا تماسكاً وعزماً على المضي في طريقها نحو عالم أكثر عدلاً وتوازنًا، حيث تُحترم السيادة وتُحاسب الجرائم، وحيث لا مكان “لإمبراطور” يظن أنه قادر على حكم العالم بتهديداته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى