مقالات

أبرز مظاهر غياب الضمير

أبرز مظاهر غياب الضمير

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة القوي الجبار، شديد العقاب وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، رب الأرباب ومسبب الأسباب وقاهر الصلاب وخالق خلقه من تراب قاصم الجبابرة وقاهر الفراعنة والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعباد، ليبين لهم الحلال والحرام وليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أما بعد لقد ظهرت عوامل كثيرة تدعوا إلي التطرف في هذا العصر، وينبغي علينا جميعا أيها المسلمون أن نواجهها ونتصدي لها وأن نحاربها، وإن من الخطوات التي ينبغي أن نسلكها خاصة مع الشباب لمواجهة ظاهرة التطرف هو الإغراق التام لكل منصات التواصل الإجتماعي بالوعي والعلم الصحيح، وإعادة تشغيل مصانع الحضارة في عقل الإنسان المسلم بحيث يحول آيات القرآن الكريم إلى مراصد فلكية.

ومدارس تعليم لرعاية الإنسان، ومنهج ابن عباس رضي الله عنهما في مناظرة ومواجهه الخوارج يعلمنا كيف يستعمل هؤلاء نصوص الوحيين في غير موضوعهما خاصة مع الشباب والسذج من العوام حيث إستدل الخوارج على ترك السماع منه رضي الله عنهما، لأنه قريشي، والله تعالي يقول كما جاء في سورة الزخرف ” بل هم قوم خصمون” رواه البيهقي، فالآية نازلة في مشركي قريش، الذين خاصموا النبي صلى الله عليه وسلم بالباطل، وابن عباس إنما جاء ليردهم إلى حظيرة الإسلام، وآلية الرد عنده الكتاب والسنة، فكيف يسقطون هذه الآية عليه؟ وهذا الفكر لم ينته، ولن يكف، فهم مستمرون حتى خروج الدجال، لذا يجب تجفيف منابع الفكر المتطرف، ومحاربة الفقر والجهل في المجتمعات، وتقوية النزعة الإنسانية لدى الشباب، وتزويدهم بمهارة التفكير النقدي.

وتقوية القيم الأخلاقية، وكما أن من الخطوات التي ينبغي أن نسلكها خاصة مع الشباب لمواجهة ظاهرة التطرف هو غرس الوسطية والإعتدال في نفوس الأطفال، ويجب علينا أن نعزز قيم الوسطية والإعتدال، ويبدأ ذلك أولا من الأسرة ثم المدرسة، ولوسائل الإعلام دور كبير في تحقيق ذلك، وكذا مؤسسات المجتمع المدني، وهكذا لا بد من إصطفاف الجميع في سبيل مقاومة هذا الفكر الضال المضل مصداقا لقوله تعالى ” فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم ” فالطفل عندما ينشأ ويربى على الوسطية والإعتدال، وغرس ثقافة البناء والتعمير، والبعد عن الكراهية والتدمير لا شك أن كل دعوى تواجهه بعد ذلك، في سبيل زعزعة هذه القيم المجتمعية سيكون قادرا على ردها ودحرها بأيسر برهان.

وكما أن من الخطوات التي ينبغي أن نسلكها خاصة مع الشباب لمواجهة ظاهرة التطرف هو بناء الضمير في الإسلام، حيث إن من أبرز مظاهر غياب الضمير هو إتباع الهوى، والبُعد عن منهج الله، ونسيان الآخرة، والحرص على الحياة، والتكالب عليها، والإهمال في العمل خاصة فيما يتعلق بمصالح العامة وعندما يموت الضمير الإنساني، يموت الإحساس، ثم ينتشر الفساد، وتكثر الجرائم بكافة صورها وأشكالها؛ وبالتالي يصير باطن الأرض أفضل من ظاهرها، لذا يجب على الإنسان أن يستشعر قرب الله عز وجل منه، ومراقبته لأقواله وأفعاله، وإن إستشعار أن الله معي، والله ناظر إليّ، والله شاهدي” يوقظ الضمير، ويحي النفس، ويبعث فيها بوادر الخير والبر، فما أحوجنا إلى إحياء الضمير، وإيقاظه من ثباته العميق ليعود الإنسان عاملا فاعلا، متواصلا، مثمرا مجتهدا، نافعا لنفسه.

ومجتمعه، وأمته، فالأمم لن تتقدم ولن ترتقي بكثرة القوانين، إنما تزدهر وترقى برقي الضمائر الإنسانية إنه الضمير، الذي حمل نبي الله يوسف عليه السلام أن يواجه امرأة العزيز بكل قوة، ولا يطواعها فيما أقدمت عليه قال تعالى، ولقد ضرب السلف الصالح رضي الله عنهم أروع الأمثلة في مراعاة الضمير، فاللهم اجعلنا ممن يحب الخير للآخرين، ويكره الشر لهم، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين، ادعوا الله يستجب لكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى