التداول الآمن للمبيدات

التداول الآمن للمبيدات
د عبد العليم سليمان دسوقى
تعتبر المبيدات من أهم الوسائل المتبعة لمكافحة الحشرات الزراعية و الصحية رغم المحاذير الكثيرة التي تعترضها فضلاً عن ما لها من أضرار على البيئة بل و على الإنسان نفسه .
المبيد : هو أي مادة أو خليط من عدة مواد ينشر في بيئة الآفة بوسائل مختلفة فيعمل على قتلها أو منع تكاثرها أو طردها بهدف تخفيض أعدادها إلى حد غير ضار اقتصادياً و كذلك أي مادة أو خليط من عدة مواد تساهم في تشويه أو عرقلة نمو النبات أو قتله أو تجفيفه أو تعريته من أوراقه
المبيدات الحديثة جميعها تعتبر سلاحا ذا حدين، فهي ذات فائدة مؤكدة للإنسان إذا ما أحسن استخدامها، و تصبح شديدة الخطورة عليه إذا ما أساء هذا الاستخدام، لأن جزيئاتها قد صممت، و أن مستحضراتها قد جهزت لإلحاق الأذى بكائنات حية، هي الآفات الحشرية أو الفطرية أو الحشائش أو القوارض أو العناكب أو غيرها، و على ذلك يتم النظر إلى المبيدات كلها و بدون استثناء، على أنها سموم للحياة. و بعبارة أخرى فإن التعامل معها و استعمالها بالطريقة السليمة و الصحية، يجعلها أكثر أمانا، و قد تترتب عن الإفراط و سوء استخدام المبيدات حوادث مؤسفة، شأنها في ذلك شأن حوادث السيارات أو بنادق الصيد أو حتى الأدوية الطبية.
يمكن لمستعمل المبيدات أن يتعامل معها بأمان كاف، و لمدة طويلة، بدون أي تأثير ضار يذكر على نفسه أو على بيئته، و حتى مظاهر التعب، التي قد تبدو نتيجة التعرض للمبيدات لفترة طويلة من المتعاملين معها، يمكن تحاشيها باتباع تعليمات السلامة عند استخدامها، علما بأن هذه المظاهر لا تظهر إلا بسوء الاستخدام و سوء الاستعمال مع المبيدات.
التعامل مع المبيدات و خلطها
المبيدات بطبيعتها مواد سامة للخلية الحية، و يلزم توخي أقصى درجات الحيطة والحذر في التعامل معها. من أكثر العمليات خطورة في التعامل مع المبيدات هو تجهيزها للتطبيق الذي يتضمن عمليات المعايرة و الخلط و التعبئة في وسائل تطبيقها، نظرا لما قد يترتب عنها من تطاير للرذاذ أو الغبار أو الانسكاب العفوي أو غير ذلك من حوادث التعرض لمخاطرها.
و يلزم دائما مراعاة تعليمات السلامة عند العمل في معايرة المبيدات و خلطها و تعبئتها، و التي منها:
قراءة ملصق العبوة قراءة جيدة و باستيعاب جيد، ثم حساب الجرعة اللازمة منه، و كذلك التخفيف من المستحضر الذي تم اختياره، على أن تستخدم وسيلة التطبيق المناسبة، و ارتداء ألبسة الحماية الشخصية و أدواتها، إضافة إلى تجهيز الإسعافات الأولية ضد الإصابة الطارئة بالمبيد في موقع العمل.
لا يجوز أن يقوم شخص بالعمل منفردا في معايرة و خلط و تجهيز سوائل المبيدات، خاصة عندما يتم التعامل مع المبيدات الشديدة الخطورة على الصحة العامة.
يتم خلط المبيدات إما في الخلاء (أي الجو المفتوح) أو في مكان جيد التهوية، بداية من فتح العبوة، لأن الضغط داخلها غالبا ما يكون أعلى من الضغط الجوي، وقد يتسبب فتحها و تسييب Release هذا الضغط في اندفاع قطرات من السائل المركز للمبيد خارجها، ويلزم فتح الأكياس بسكين أو مقص، لأن تمزيقها المباشر باليد قد يؤدي إلى اندفاع الغبار من في كل الاتجاهات، مما يعرض القائم بالعملية للخطر، مع توقيف أي مروحة أو هواية موجودة، حتى لا يتسبب تشغيلها في توسيع دائرة انتشار رذاذها أو غبارها في كل الأرجاء.
عند خلط المبيدات يلزم أن يكون معروفا، و على وجه الدقة، الكمية من المادة (أو المواد) الفعالة اللازمة، ومعايرتها (قياس أحجامها أو أوزانها) بدقة بالغة، مع الحرص على تنظيف أدوات المعايرة بعد كل استعمال
عند نفاذ محتويات إحدى العبوات بالكامل، يلزم شطفها جيدا (ثلاث مرات) بالماء أو بالمذيب المستعمل في تخفيف المبيد، و إضافة نواتج الشطف إلى خزان الرش قبل إتمام ملئه إلى العلامة المحددة أو المطلوبة
يلزم تنظيف أي تلوث بالمبيدات بمجرد حدوثه، فإذا تلوث الجلد بها يلزم غسيله مباشرة و بأقصى سرعة بالماء و الصابون، و تلوث الملابس يلزم تغييرها بأقصى سرعة ممكنة، و تنظيفها تماما منه قبل إعادة استعمالها، ويراعى تجنب غسل الملابس الملوثة بالمبيدات مع الملابس الأخرى، لكي لا تتسبب في تلوثها.
يلزم غسل القفازات و هي في اليد قبل خلعها، و الحرص على استعمال قفازات جديدة كلما أمكن ذلك، و عدم استعمال أيها لفترات طويلة، انتظارا للتمزق و التخلص منها قبل تمزقها بالطرق البيئية السليمة.
لا يجوز التدخين مطلقا أو الأكل أو الشرب أثناء العمل في معايرة أو خلط أو تداول أو تطبيق المبيدات، أو حتى بعد انتهائه، إلا بعد الاغتسال الجيد، لأن ذلك قد يتسبب في استنشاق أو ابتلاع كميات من المبيدات، تكون قد لوثت الأيدي أو غيرها.
لا يجوز استعمال الفم في سحب سائل المبيد بخرطوم، حتى ولو كان مخففا، أو استعمال هذه الطريقة في تفريغ مياه غسيل خزان الرش.
عند ملء خزان الرش بسائل المبيد لا يجب ترك فتحة خرطوم التصريف عند مستوى أقل من مستوى سطح السائل في الخزان، و إلا حدث شفط عكسي ينتج عنه تفريغ سائل الرش إلى الأرض، متخذا الاتجاه العكسي في الخرطوم.
زاد اهتمام البحث العلمي في الآونة الأخيرة في البحث عن طرق جديدة للمكافحة الآمنة والبحث عن بدائل للمبيدات بغرض تلافى الآثار الضارة لاستخدامها مثل:
• استخدام مانعات التغذية حيث تعمل على منع الحشرة من التغذية فتموت جوعا.
• استخدام المواد الطاردة أو الجاذبة وهى مواد ليست سامة ولا تؤدى إلى موت الآفة ولكنها إما تجذبها إلى مصائد أو طعم سامة، بينما تقوم المواد الطاردة بجعل طبيعة الغذاء والحياة الطبيعية للحشرات غير محببة مما يدفعها للهرب.
• استخدام الجاذبات جنسية ( الفرمونات ) وهى مواد مخلقة تحمل رائحة إناث أنواع معينة من الآفات بغرض جذب الذكور، تستخدم هذه المواد إما للتنبؤ بكثافة أعداد الآفة أو بتوزيعها في الحقول بغرض تشتيت ذكور الآفة.
• استخدام مركبات حيوية وهى مركبات أساسها كائنات دقيقة مثل البكتيريا أو الفطر أو الفيروس، وأشهرها المركبات البكتيرية التي دخلت حيز التطبيق ضد العديد من الآفات الحشرية.
• استخدام بعض بدائل المبيدات ( أقل سمية على النبات والحيوان والبيئة ) مثل الزيوت المعدنية والمستخلصات النباتية.
وتهتم وزارات الزراعة والجهات المعنية اهتماما كبيرا بهذه الاتجاهات، ويلقى نفس الاتجاه اهتمام المزارعين والمهتمين بشئون البيئة لما تتميز به من آمان للإنسان والحيوان والبيئة ككل، كما تساعد بطريقة مباشرة وغير مباشرة في المحافظة وتعظيم الدور الذي تلعبه الأعداء الحيوية في الطبيعة، مما ينعكس ذلك على الوسط الزراعى.