التطهير العرقي في فلسطين: جريمة مستمرة أم حقيقة مُغيَّبة؟

التطهير العرقي في فلسطين: جريمة مستمرة أم حقيقة مُغيَّبة؟
بقلم: [ أشرف ماهر ضلع]
منذ أكثر من سبعة عقود، لا تزال فلسطين تشهد واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية والسياسية تعقيدًا في التاريخ الحديث. تتجدد التساؤلات حول حقيقة ما جرى ويجري على أرضها، ومن بين هذه التساؤلات: هل ما تعرض له الفلسطينيون منذ عام 1947 يمكن تصنيفه على أنه تطهير عرقي؟
مفهوم التطهير العرقي: هل ينطبق على فلسطين؟
ظهر مصطلح “التطهير العرقي” بقوة خلال حرب البلقان في التسعينيات، حيث تم استخدامه لوصف عمليات الإبادة والتهجير القسري التي تعرضت لها مجموعات سكانية بهدف خلق تجانس عرقي. هذا المفهوم، رغم حداثته، يمكن إسقاطه على ما جرى في فلسطين، وفقًا لعدد من الباحثين، أبرزهم المؤرخ الصهيوني إيلان بابيه، الذي أكد أن التهجير القسري للفلسطينيين لم يكن نتيجة حربٍ فقط، بل كان جزءًا من مخطط مُسبق، تم تنفيذه عبر ما عُرف بـ “خطة داليت” في عام 1948.
“خطة داليت”: تطهيرٌ ممنهج أم ضرورات حرب؟
وفقًا للمؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي، فإن خطة داليت لم تكن مجرد استراتيجية عسكرية لمواجهة قوات عربية، بل كانت تهدف إلى “إزالة الوجود الفلسطيني” من القرى والمدن، وإقامة دولة ذات طابع يهودي خالص. تقارير تاريخية ووثائق أرشيفية تشير إلى أن هذه الخطة تضمنت عمليات قتل جماعي، وتهجير قسري، وهدم قرى بأكملها، وهي ممارسات تتوافق تمامًا مع تعريف “التطهير العرقي” وفق القانون الدولي.
المجازر: حلقات دامية في مسلسل التهجير
من مذبحة دير ياسين عام 1948، إلى مجازر صبرا وشاتيلا وجنين، تتكرر الأنماط نفسها: اقتحامات، قتل جماعي، تهجير، وتغيير ديموغرافي متعمد. هذه الأحداث، التي وثقتها منظمات حقوقية عالمية، ليست مجرد وقائع تاريخية، بل تمثل سلسلة متواصلة من الانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين.
لماذا لا يُحاسب مرتكبو الجرائم؟
رغم توفر أدلة دامغة على عمليات التهجير القسري، إلا أن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات حقيقية لمحاسبة المسؤولين. القرارات الأممية، التي تُدين الاستيطان والاحتلال، تبقى حبرًا على ورق أمام الدعم السياسي والعسكري الذي تتلقاه إسرائيل من قوى كبرى، مما يُعزز سياسة الإفلات من العقاب.
“حتى لا ننسى”: مسؤولية التوثيق والمقاومة
إن إحياء ذكرى النكبة والمجازر الفلسطينية ليس مجرد استرجاع للأحداث، بل هو معركة وعي تهدف إلى منع طمس الحقيقة. على الأجيال الفلسطينية والعربية، بل والعالمية، أن تستمر في توثيق الرواية الحقيقية، ومقاومة حملات التضليل التي تسعى لطمس جرائم الماضي والتلاعب بالحقائق.
ختامًا: هل ينتهي التطهير العرقي؟
التطهير العرقي في فلسطين لم يكن مجرد حدث عابر، بل هو سياسة مستمرة تتجلى في التهجير القسري، وهدم المنازل، والاستيطان المتواصل. والسؤال الذي يظل مطروحًا: إلى متى يبقى هذا الظلم بلا محاسبة؟