مقالات

زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر… دلالات سياسية ورسائل عابرة للحدود

زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر... دلالات سياسية ورسائل عابرة للحدود

زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر… دلالات سياسية ورسائل عابرة للحدود

بقلم: محمود سعيد برغش

 

في لحظة بالغة الحساسية، وعلى وقع الأحداث المشتعلة في المنطقة، حط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رحاله في القاهرة، في زيارة رسمية تحمل بين طياتها الكثير من الرسائل، وتفتح الأبواب لتأويلات متعددة، خاصة بعد اصطحاب الرئيس عبد الفتاح السيسي له في جولة امتدت من منطقة رفح الحدودية حتى جامعة القاهرة العريقة.

 

لم تكن الزيارة مجرد بروتوكول دبلوماسي عابر، بل كانت مشهدًا سياسيًا متكامل الأبعاد، يتقاطع فيه الإنساني بالأمني، والثقافي بالاستراتيجي، في لوحة أرادت القاهرة من خلالها أن تقول الكثير لباريس، وللعالم أجمع.

 

رفح… حيث تتحدث الأرض

 

في سابقة نادرة، اصطحب الرئيس السيسي ضيفه الفرنسي إلى منطقة رفح، على الحدود مع قطاع غزة. هناك، حيث تتداخل الجغرافيا مع الجراح، أراد الرئيس المصري أن يُظهر حجم العبء الذي تتحمله مصر في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، وحجم المساعدات التي تمر عبر المعابر المصرية، رغم التعقيدات الأمنية والإنسانية.

 

إنها رسالة واضحة: مصر ليست مجرد مراقب، بل هي طرف فاعل في معادلة الصراع، ووسيط يسعى لتحقيق التوازن بين ضرورة الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني، ومراعاة التحديات الأمنية والسياسية الدقيقة.

 

جامعة القاهرة… رمزية الحضارة والانفتاح

 

أما في جامعة القاهرة، فقد بدا المشهد مختلفًا. فهنا، أراد السيسي أن يُظهر وجه مصر الثقافي، الحضاري، الذي يمتد تاريخه لأكثر من قرن. جامعة القاهرة لم تكن مجرد محطة سياحية في جدول الزيارة، بل كانت رسالة رمزية تؤكد أن مصر لا تزال حاضرة في مشهد التنوير والبحث العلمي، وأنها منفتحة على التعاون مع فرنسا في مجالات التعليم والثقافة والبحث.

 

فرنسا ومصر… مصالح تتقاطع

 

من جهة أخرى، تدرك فرنسا جيدًا أهمية الشراكة مع القاهرة، سواء في ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب، أو في دعم الاستقرار الإقليمي، لا سيما مع تصاعد التوترات في ليبيا والسودان وغزة. كما تسعى باريس إلى تعزيز وجود شركاتها في السوق المصري، في مجالات الطاقة والنقل والبنية التحتية.

 

في المقابل، تستثمر القاهرة هذه العلاقات لتعزيز موقعها الدولي، والبحث عن حلفاء في ظل عالم يتغير بسرعة ويعاد فيه رسم خرائط النفوذ.

 

خاتمة: أكثر من زيارة

 

ليست كل الزيارات سواء، وليست كل الصور الملتقطة مجرد ذكريات. زيارة ماكرون إلى مصر، بكل محطاتها، كانت فعلًا سياسيًا بامتياز، ومشهدًا من مشاهد إعادة ترتيب الأوراق في منطقة تعج بالصراعات. وبين رفح وجامعة القاهرة، كان هناك حديث صامت… بل رسائل صاخبة، يفهمها من يقرأ السياسة لا بالكلمات، بل بالإشارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى