! تِلكَ الّتي فِي الصُّورَة ! بقلم نبيلة الوزانى
! تِلكَ الّتي فِي الصُّورَة !
حينما يأخذُني النّومُ
لا أُشاهدُ أنواراً
تنْزلُ من سقفِ غُرفتي
لا أُشاهدُ نجماً يَطرقُ النّافذَة ،
ولا عَصافيرَ تُعلّمُني الطّيرانَ
أو تُشارِكُني الغِناءْ،
فقطْ صورةً مُعلَّقةً في عُنقِ الماضي
تُحَدّقُ في عَيْني باستغرابٍ مُلفِتْ ///////
كلُّ الأشياءِ فارغَة :
الوِسادةُ الضَّجِرَةُ من أرَقي ،
الخِزانةُ الجافّةُ مِنْ رائحةِ الصّندَلْ ،
عُلبةُ الألوانِ الباردَة ،
حتَّى فَساتينِي الحَميمَة
أصابتْها أنْفلوانزا الحَنينْ ،
والبابُ الذي لا بَصمةَ غير يَدي
تَحنُو على غُربتِهِ وَوَحْدَتي //////
كلُّ شَيءٍ يَدْعُو للدَّهشَة
كلّ ُشَيءِ يَقُودُ إلى الالْتباسْ ،
كلّ ما أراهُ أنّي أَطفُو فوقَ جَسدِي
في زَمانٍ بِلا إشارَةٍ
تؤدّّي إلى مكانٍ مَأْلوفٍ يَعرفُني ،
منذُ أن لبستُ ابتسامةَ الآخرينَ
غادرتُ نفسي وعُدتُ بِدُوني ///////
حينما يُعاودني النَّومُ
أرانِي بضفائرَ يَشبكُها السّاتان ،
وتنّورةٍ من المَخمَلِ الأَحمرِ
تشدّ ُأطرافَها قِطّةٌ مُشاِكسَة ،
أَفزَعُ …أَبْكِي … أَجْرِي
لأستقرَّ في قلبِ أُمّي ،
يَضُمُّني الهدوءُ
ورائحةُ الكَعكِ تَختلط ُبِدفْءِ حنانِها ،
أَضحكُ كثيراً ، أُلاعِبُ القِطَّةَ
وأُطعِمُ الكَعكَ لِدُمْيتي الأثيرَة ،
نادراً ما لَمحتُنِي أمنيةً بفُستانٍ
مِنْ أُورْكَانْزا أو قَميصِ دَانْتيلْ ///////
حِينَما يُغادِرُني النَّومُ ،
تَتداخلُ الأسئلةُ في حِيرتِها
لا أدْري هلْ كنتُ هناكَ
أم أنّ الْ هُناكَ زارَني ذاتَ حُلمْ ؟
الحَِقيقةُ أنّني مُرتبكةٌ بِشدَّة ،
لَيسَ بِحَوزَتي ما يُؤكِّدُ ثُبوتَ هَويّتِي
ليْس بِاستِطاعَتي ما يُثبتُ أنّي
كُنتُ أَرتدِي كَنزةً تُلائِمُ لَوْنَ التَّنُّورَة ،
أوْ ضَفائري تَقافَزتْ حينَ النَّطِّ بالحَبل
حتى أُرجوحَتي في حَديقةِ جدّي
أكَلَها بَردُ الغيابْ ،
فَمنْ لِي يَشهدُ أنّي كنتُ هُناكَ ،
أو أنّ خِزانتي ازدحمتْ ذاتَ فَصلٍ أُنْثَوِيٍّ
بالسَّكاكِرٍ … والفانِِيلْيا …. والقُبُلاتْ …؟ ///////
كلّ ما أملكهُ الآَن مِرآةٌ تتنكَّرُ لوَجهي
وذِكرياتٌ تُعانقُ هذا الاغترابَ المٌزمِن ،
وظِلُّ امرأةٍ يُطِلُّ مِنَ الجِدارِ
يَأخذُ الأَمسَ قِطعةً … قِطعةً…
إلى ما وراءَ السّرابْ ،
وسُؤالٌ كَجرَسٍ فقَدَ صَوتَه :
ماذا بَقِيَ مِنَ التِي في الصُّورٍة ؟
،،،
نبيلة الوزّاني
15 / 05 / 2021