الشماتة فى الموت والمرض خلق المنافقين

الشماتة فى الموت والمرض خلق المنافقين
حماده مبارك
الشماتة فى الموت والمرض ، أصبحت ظاهرة مجتمعاتنا وسمة من سمات حياتنا، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتى يؤكد علماء الدين أنها خلق المنافقين، وأن المسلم الذى تربى على الأخلاق الإسلامية الفاضلة ووعى سيرة النبى صلى الله عليه وسلم، لا يشمت فى أحد ولا يفرح فى مصائب الآخرين ، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وقد يكره أفعال البعض لكنه لا يشمت بهم ولا يفرح فى مصائبهم ، لأنه لا يكن حقدا لأحد ولا يبغض أحدا ولكنه يدعو للجميع بالهداية والمغفرة.
وأوضح العلماء أن التشفي بالموت ليس خلقا إنسانيا ولا دينيا، فكما مات غيره سيموت هو، كما أن الشماتة بالمصائب التى تقع للغير تتنافى مع الرحمة التى يفترض أنها تسود بين المسلمين، وهى خلق المنافقين الذين قال الله فيهم ( إنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسَؤُهُمْ وإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وإِنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ).
فإن من العادات السيئة التى توجد عند بعض الناس، والتى يظهرونها أحيانا فى بعض الفضائيات، ووسائل الأعلام المختلفة، وعلى شبكات التواصل الإجتماعي ، أن يشمت الإنسان بالآخرين ، حينما ينتقلون إلى جوار ربهم عز وجل، وهذا من الأخطاء الفادحة لان الإنسان ما دام قد لقى ربه سبحانه وتعالى فهو بين يدى الله، فلنترحم عليه ، وان كان غير صالح فلا نشمت فيه، فالشماتة ليست من أخلاق المسلمين لان الموت كأس دائر على الجميع ، فقال سبحانه وتعالى : (كل نفس ذائقة الموت).
فقد نهى النبى صلى الله علية وسلم ، عن الشماتة فى وجه الإنسان إذا كان حيا ، فقال فى حديث أخرجه بعض أصحاب السنن (لا تظهر الشماتة فى وجه أخيك فيعافيه الله ويبتليك) كما ان النبى صلى الله عليه وسلم، استعاذ بالله عز وجل من أن يكون فى موضع يشمت الناس فيه فقال الرسول: (اللهم احفظنى بالإسلام قائما واحفظنى بالإسلام قاعدا واحفظنى بالإسلام راقدا ولا تشمت بى عدوا ولا حاسدا)، والمسلم الحق قلبه لا يحمل الحقد ولا الحسد ولا الضغينة ولا الشماتة للناس.
إن الله سبحانه وتعالى جعل الموت من الحقائق المؤكدة ، والتى ستلحق بالإنسان وغيره من الكائنات المختلفة ، وان كل شيء له بداية لابد أن ينتهي، فكل واحد من البشر وفى مختلف الديانات، يعلم انه ليس مخلدا وان حياته ستنتهى بالموت ، انتظارا لمحاسبة الآخرة وذلك تطبيقا لقول الله تعالي: (أينما تكونوا يدرككم الموت) ولا يوجد استثناء لهذه الحقيقة.
فالموت ليس عقوبة للإنسان، إنما هو مقدر للإنسان حتى قبل ولادته فى علم الله ومكنونه، فقد ورد فى الآثر أن الإنسان قبل أن يولد قدر له أن يولد ذكرا كان أو أنثى غنيا أو فقيرا شقيا أم سعيدا، وكذلك موعد ولادته ومماته والتى لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى لقوله جل وعلا: (قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
ومن مبادئ الإسلام احترام حقيقة الموت حتى ولو كانت لغير المسلم، ويتمثل ذلك فى إجابته صلى الله عليه وسلم عمن سأله عندما وقف لمرور جنازة فقالوا له يا رسول الله إنها ليهودى فرد عليهم قائلا (أليست نفسا) والإسلام كرم جسد الإنسان أيا كانت ديانته ، وعدم تعريض جسده للإهانة ولا يمكن بحال من الأحوال أن يتحدث الإنسان فى شماته أو سخرية لموت إنسان آخر ، لأن ذلك يعد خوضا فى نظام المحاسبة الإلهية، فالإنسان بوفاته وبعد غيابه عن الأنظار أصبحت كل شئونه من الغيبيات المعلومة لله سبحانه وتعالي، ويرتكب الإنسان إثما عندما يذكر عيبا فى الميت أو صفة من صفاته الرذيلة، وورد فى الحديث الشريف: (اذكروا محاسن موتاكم)، وكذلك دعوة النبى صلى الله عليه وسلم للمحيطين بقبر بعد دفن احدهم وبالرغم من انه أراد أن يخبرهم بانه ارتكب بعض المخالفات فى حياته فكان يقول لأصحابه: (استغفروا لأخيكم انه الآن يسأل ) ولو كان النبى يريد غير ذلك لسمح لهم به لكن ورد فى القرآن الكريم فى قصص السابقين، إن الطغاة والعصاة ألحق الله بهم الخزى فى الدنيا، وتتداول سيرتهم بين الناس من باب العظة والاعتبار كفرعون مثلا والنمرود وغيرهما وقوم لوط ونحو ذلك، أما من ماتوا بيننا الآن فنحن لا نشق عن قلوبهم ولا نعلم خفاياهم، وإذا تسرع البعض بالكتابة على شبكات التواصل الاجتماعى، شامتين فى موتهم وذاكرين المساوئ التى يلحقونها بهم، إنما هو لون من المخالفة الشرعية لأن الله سبحانه وتعالى هو الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، بل إن الرحمة بالميت والدعاء له بأن يغفر ذنوبه فى الدنيا، بعدله أو بفضله إنما هو من الأمور المحمودة فى الإسلام.