ونامت أعين الجبناء… بين الماضي المجيد والواقع الأليم
ونامت أعين الجبناء… بين الماضي المجيد والواقع الأليم

ونامت أعين الجبناء… بين الماضي المجيد والواقع الأليم
في صفحات التاريخ، نجد أمجادًا سطّرها رجال حملوا همّ الأمة الإسلامية والعربية فوق أكتافهم، وساروا بها إلى العلا، حيث كانت قوة المسلمين تمتد عبر ثلاثة عهود عظيمة، أرعبت أكبر قوتين في ذلك الزمان، ثم تصدّت للصليبيين بكل بسالة. لم يكن قادتهم يعرفون الخوف، ولم يكن في قواميسهم مصطلح “الهزيمة”، بل كانوا كالأسود المفترسة، يهاجمون العدو بلا تردد إذا تجرّأ واحتل شبرًا من أرضهم.
أين نحن من ذلك الزمن؟
اليوم، وبعد أن ابتعد المسلمون عن طريق الله، وبعد أن أصبحت المصالح الشخصية تُقدَّم على المصالح العامة، وبعد أن حلّ حب الدنيا محل الإيمان بالقضية، تبدّلت الأحوال. بعد أن كان العرب والمسلمون في أعلى القمم، صاروا في أسفل السافلين، وبعد أن كانت القوة في أيديهم، بات الخوف يسيطر عليهم.
وهذا ليس بغريب، فقد حذّر النبي ﷺ من هذا الضعف عندما قال: “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.” فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: “بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن.” قيل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: “حب الدنيا وكراهية الموت.” (رواه أبو داود).
كيف ننهض من جديد؟
النهضة ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى عزيمة حقيقية وإيمان صادق. لا بد أن نعود إلى أسباب القوة التي جعلت أسلافنا سادة العالم:
1. التمسك بالدين: الإسلام لم يكن يومًا عقبة أمام التقدّم، بل كان هو الدافع للعلم والعمل والشجاعة. قال الله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7).
2. الوحدة: عندما اجتمع المسلمون تحت راية واحدة، لم يستطع أحد هزيمتهم. قال الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: 103).
3. العلم والعمل: الحضارة الإسلامية قامت على العلوم والفكر والاجتهاد، وليس على الخمول والركون إلى الماضي. وقد قال النبي ﷺ: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة.” (رواه مسلم).
الخاتمة
ليس السؤال “لماذا تراجعنا؟”، بل “كيف نستعيد مكانتنا؟”. التاريخ لا يرحم الضعفاء، ومن ينام على أمجاده، يستيقظ ليجد نفسه في قاع الأمم. وكما قال الشاعر:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرُومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النّجومِ
فهل سنظل نائمين بينما تتغير موازين القوى؟ أم سننهض كما فعل أسلافنا؟ هذا هو التحدي الحقيقي!
محمود سعيدبرغش