
الزكاة في الإسلام
كتبت/ هبة النبراوى
أولًا- منزلة الزكاة في الإسلام:
الزكاة هي الركنُ الثالث من أركانِ الإِسلام بعد الشهادتين والصلاة، وتُذكر مقرونة بالصلاة في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم، قال تعالى:«وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ» [البقرة: 43] .
– والزكاة سبب لنيل رحمة الله تعالى إذ يقول سبحانه:«وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤۡمِنُونَ » [الأعراف: 156] .
– والزكاة تقوي الصلة بين المسلمين فبها يتعاون الأغنياء مع الفقراء وتقوي المحبة والرحمة بينهم.
ثانيا- ما هي الزكاة:
– الزكاة هي: التعبد لله تعالى بإخراج قدر معين من المال للمستحقين الذين حددهم القرآن الكريم في قوله تعالى:« إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ» [التوبة: 60].
– ثالثا: ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة؟
– تجب الزكاة في: (النقدين وعُروضُ التجارة ).
والنقدين: هما الذهب والفضة، وما يقومُ مقامَهما من الأوراق النقدية (الفلوس) التي يتعامَلُ بها الناس اليوم، سواء سُميت: (دراهم، أو ريالات، أو دنانير، أو دولارات، أو جنيهات أو غير ذلك من الأسماء.
– وعُروضُ التجارة: كل ما أُعِدَّ للبيع والشراء بقصد الربح، وسُمِّيت بذلك: لأنها لا تستقر، بل يعرضها التاجر ويبيعها، فالتاجر لا يريد هذه السلعة بعينها، وإنما يريد ربحها من المال، وتشمل عروض التجارة جميع أنواع الأموال: كالتجارة في السيارات، والملابس، والأقمشة، والحديد، والأخشاب، والأطعمة، وغيرها، فعن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي يُعَدُّ لِلْبَيْعِ».
رابعا- شروط وجوب الزكاة في النقدين وعروض التجارة؟
1- الإسلام فغير المسلم لا يُطالب بالزكاة.
2- الملك التام للمال.
3- مرور الحول، أي مرور(سنة هجرية).
4- بلوغ النصاب، وهو: عِشرونَ مثقالًا، ويساوي (85) جرامًا من الذَّهَب.
خامسا- مقدار الزكاة، وكيفية إخراجها:
إذا بلغ المال(85) جرامًا من الذَّهَب، أو ما يعادلها من العملات النقدية مثل الدولارات أو الريالات ، أو من عُروض التجارة بحيث تقدرُ قيمتَها التي تساويها عندَ تمامِ الحول، فعليه (ربع العشر، أي: 2,5%، اثنين ونصف بالمائة).
ويقوم المسلم عند موعد إخراج الزكاة بضم جميع أموال عُروض التِّجارة إلى بعضها، ثُمّ يُقدِر قيمَتَها في السوق، مع ما معه من أموالٍ ونُقود، ثُمّ يُخرج رُبع العُشر على هذا المال.
– فالزكاة علامة ودلالة على رحمة الله بخلقه، فإنه سبحانه رزقهم المال، ولم يطلب منهم زكاة حتى يبلغ المال نصابا معينا (85 جراما من الذهب الخالص عيار24)، فلم يفرضها على الفقراء، وإنما على الأغنياء منهم، فهو سبحانه يغني أولا ثم يطلب، ثم لما أخذ أخذ نذرا قليلا (2,5%، اثنين ونصف بالمائة). وترك للأغنياء أغلب مالهم ( 97.5 بالمائة ).
*- عقوبة مانع الزكاة:
أخي المسلم: المال كله رزق من الله تعالى، حيث يقول:«وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ ءَاتَىٰكُمۡۚ»[النور: 33]، والقيمة التي فرضها الله تعالى للزكاة قليلة جدًا، ومع ذلك كثير من الناس لا يؤدون الزكاة، ومن هنا أردت أن أحذر من منع الزكاة؛ لأنه يسببُ أضرارًا عظيمة في الدنيا والآخرة.
– ففي الدنيا: منع الزكاة يصيب المال بالتلف والهلكة وهذا مشاهد، فقد رأينا وسمعنا ما يُصيبُ الأموالَ من الكوارث (حريق، وغَرَق، وسرقة، وخسارة، وإفلاسٍ، وغير ذلك)، ما أسباب ذلك؟ فأهم الأسباب هو منع الزكاة، قال تعالى في شأن الذين منعوا العطاء:« فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفٞ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآئِمُونَ ١٩ فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ » [القلم: 19-20] ، وقَالَ الصادق- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ» أي: الفقر.
– أما في الآخرة، فالعقاب أشد وأشد قال تعالى: «وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٖ ٣٤ يَوۡمَ يُحۡمَىٰ عَلَيۡهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ » [التوبة: 34-35].