
الأعلى
الشاعر مهند كامل / سورية
أعلى منَ الأعلى وأنقى مَنْ على
سطحِ الحقيقةِ منطقاً وحضورا
أعلى لأنّي أقرأُ الدنيا وأقـ
ـرأُ أهلها الأحجارَ والبلورا
أعلى لأنَّ خطاي ترفعُ تحتها
لأمرَّ وجهَ الساقطينَ غرورا
أعلى لأنّي فطرةٌ ترعى القطيـ
ـعَ لكي يربّي – لا – بهِ ويثورا
أعلى لأنّي هكذا ببساطةٍ
فكرتُ أعمقَ بي وكنتُ جديرا
أعلى لأنَّي حين أدهسُ ذئبةً
تعوي على قدمي أظلُّ صبورا
أعلى لأنّي مرّةً أخرى أرى
معنى الغمامِ وأقرأُ العصفورا
أعلى لأنّي مثلُكمْ وأشدُّكمْ
حرصاً على أن أستمدَّ النورا
من شمعةٍ تبدو لي الأشياءُ وا
ضحةً ولا تتطلّبُ التفسيرا
نفسي أحجّمُها وأطحنُ كبرَها
لو أنَّها عبرتْ إليهِ عبورا
أصحو على الدنيا كأنَّي لم أكنْ
في أمسِها حتَّى أظلَّ كبيرا
أصحو على الدنيا صباحاً غارقاً
بالشمسِ يحفرُ للظلامِ قبورا
ومنَ البداهةِ أنْ تسرِّبَ زهرةٌ
فواحةٌ حولَ الصباحِ عبيرا
ومنَ البداهةِ أنْ أعرّي القبحَ من
أثوابهِ كيلا يعيشَ كثيرا
ما دمتُ من وجهِ الجمالِ ولادتي
وسلالتي وعلى الجمالِ غيورا
هبْ أن نفسكَ لم تقل لا عندما
شاهدتَ شعبكَ يُحدثُ التغييرا
هبْ أنَّ نفسكَ بعدَ هذا كلِّهِ
ظلتْ تخافُ البوح والتعبيرا
فلأيِّ إنسانٍ مسمّى تنتمي
وبمنْ تُقاسُ ولا نراكَ حقيرا
سقطتْ خيامُ الجاهليةِ منذ أنْ
سارتْ على هدي السماءِ عصورا
واستيقظتْ مدنٌ على أطلالها
تبني لتمسكَ بالسماءِ جسورا
والشاعرُ المرتابُ ظلَّ مكانهُ
يرعى الخرافَ ويقدحُ التنورا
يمشي على المعنى وأقصى همِّهِ
أنْ يحسنَ التقديمَ والتأخيرا
في الضفةِ الأخرى تنازعُ أمّةٌ
تحتَ الحصارِ وتبلعُ الفسفورا
نبكي على دمِها ونرفع بعد أنْ
نبكي لنحيا دونَ ذنبٍ سورا
ونلمُّ قطعانَ الأنا تحتَ اسمِها
متذرّعينَ لنشتمَ الجمهورا
ولذاكَ أتركُ مفرداتي جانباً
وأخوضُ حربي شاعراً مغمورا