قصة “السر” بقلم نشوة أبوالوفا

قصة “السر”
بقلم
نشوة أبوالوفا
الفصل الثاني
ومرت الأيام …
انتهت مدة ابتعاثي وعدنا لمصر، في هذه الأثناء حدث الصعود المفاجئ للدولار
وحيث أن قسمًا كبيرًا من مدخراتي كان بالدولار فلقد زادت ثروتنا جدًا، فافتتحت لأنور مكتبًا للمحاماة خاصًا به.
بعد فترة ذاع صيت أنور ولاحظت أن الأموال بدأت تجري بين يديه ولم يعد يطلب مني نقودًا لمصروف جيبه، لكنه لم يكف عن الإلحاح بأنه يريد سيارة باسمه لينتقل بحرية، اشتريت له السيارة فكيف يتمنى حبيب عمري شيئًا أستطيع تقديمه ولا ألبي مطلبه، لم يكن ينغص عليّ حياتي سوى إحسان التي لم تكن تترك فرصه لتحدثني عن أنني يجب أن أضحي وأزوج أنور لتفرح بأطفاله ولم تستغلها.
في البداية كان أنور يسكتها بلطف والآن لم يعد يسكتها أبدًا، بل أُحس كأنه موافق على ما تقوله.
وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، أو بالأحرى جاء اليوم الذي قدر لي الله فيه أن تكشف كل الحقائق أمامي، وتنقشع تلك الغمامة التي كانت تمنعني من رؤية ما يحدث حولي.
بذلك اليوم تلقيت كل الصدمات على رأسي بمطارق من حديد، مطرقة تتلوها مطرقة، حطمت رأسي تمامًا وشلت قدرتي على الاستيعاب،
استدعاني مدير البنك لأنهي قرضًا لعميل لدينا مصطحبًا محاميه.
لأجد أن المحامي هو المستشار رضوان الغندور الذي كان أنور يعمل لديه سابقًا وطرده، تعاملت معه بمنتهي الرسمية وأنهيت عملي وانصرفت من مكتب المدير،
بعد فتره وجدت السكرتيرة تبلغني أن المستشار رضوان يريد مقابلتي فطالبتها بإدخاله…
دخل ملقيًا السلام: السلام عليكم سيدة سارة.
– وعليكم السلام، تفضل بالجلوس، هل تحتاج أي توضيح بالنسبة للقرض؟
فجلس وأجاب: لا لم آتي من أجل القرض؟
تساءلت متعجبة: إذن ماذا هناك؟!
فقال بهدوء: سأخبرك سيدتي، لقد تذكرتك لأنني حضرت حفل زفافك وزرتكم في المنزل لأهنئكم، لقد سألت مديرك عنك وعن أخلاقك ومدى التزامك بالعمل، وشكر لي مدير البنك في أخلاقك جدًا ومدح التزامك وكيف أنكِ سيده لا تقبلين إلا الحق، فاستغربت جدًا كيف أنكِ بهذه الاستقامة وزوجك بتلك الدناءة.
وقفت معترضة: لن أسمح لك، إياك والحديث عن زوجي أنت ظلمته وافتريت عليه.
نظر لي نظره تعجب: كنت أتوقع هذا، أنتِ لا تعلمين شيئًا، اهدئي سيدتي واجلسي وسأخبرك ما لا تعلمينه.
فجلست وأكمل هو: أنا لم أظلم أنور أبداً، لقد طردته لسوء أخلاقه مهنيًا ومكتبيًا، أنور نسخ أحد أهم ملفاتي وكان يريد بيعه لمنافس لي، ولم يكن يعلم أن المكتب به كاميرا، واكتفيت بطرده فقط لعلمي بظروفه، فلقد وصلت لمنتهى تحملي له بعد أن ضبطته في وضع مخل مع السكرتيرة مرة قبلها، واعتذر الاثنان وأفهماني أنه لن يتكرر، ومتأكد أيضًا أنكِ لا تعلمين أن أنور الآن كمحامي أصبح مشهورًا بمساعدة المجرمين من قتلة وتجار مخدرات لنيل البراءة بكافة الطرق الملتوية، إنه الآن الصديق الصدوق لأعتى تجار المخدرات.
كنت غير مصدقه، أخرستني تلك الأقاويل
وأكمل هو قائلًا: لا تصدقيني، أليس كذلك؟ حسنًا، اذهبي للمحكمة واسالي عليه أي أحد هناك.
قمت من فوري وتوجهت للمحكمة، وذهبت بالقرب من غرفة المحامين لم يكن هناك بالطبع فهو أخبرني أنه ذاهب لأمه، لم يكن أحد منهم يعرفني فأنور لم يقدمني أبدًا لأي من أصدقائه أو يصحبني في أي مناسبه، توسمت خيرًا في محامٍ جالس يشرب القهوة يبدو وقورًا كان كل من حوله يقدمون له التحية باحترام واضح فسألت عامل البوفيه عنه: من فضلك، من هذا؟ (مشيرة للرجل)
فقال: إنه المستشار وجيه الهلباوي كبير شيوخ المحامين، إذا أردتِ السؤال عن أي شيء لن يتأخر أبدًا.
فذهبت له
– السلام عليكم.
فقال مرحبًا: وعليكم السلام تفضلي سيدتي، كيف أستطيع أن أخدمكِ؟
جلست قائلة: عرفت أن سيادتك من أكبر المحامين هنا، وكنت أريد الاستفسار عن محامي يسمى أنور محمد راضي مشهور بأنور الأسمر.
فنظر لي نظرة مشمئزة من رأسي لأخمص قدمي متسائلًا: لماذا تريدينه؟
– لقد تقدم للزواج من أختي ولذلك فأنا أسال عنه.
– لا يا بنيتي لا، إياكِ وهذا النسب، أنور رجل وصولي وانتهازي بالإضافة لأنه زير نساء ولا ينافسه في ذلك أحد، ستشقى أختك إن ارتبطت به، أنور مقرب من تجار المخدرات والسلاح، وسيرته غير مشرفه بالمرة.
سألته: هل أنت متأكد مما تقوله؟
فقال: المحكمة أمامك، سيؤكد الكل كلامي.
ونادى على محامي آخر
– يا محمود تعال.
فجاء وجلس قائلًا: ما الذي تأمر به سيادتك؟
فقال له: السيدة تسأل على أنور الأسمر.
فقال بسرعة: حبيب السيدات.
ونظر لي ثم قال: يبدو عليك أنكِ سيده محترمه، ما الذي تريدينه من أنور؟ لو كنتِ تريدين توكيله في قضية فاحترسي سيدتي، أنور ليس سهلًا ولا تفلت موكله من تحت يديه، المحكمة مليئة بمحامين في قمة الاحترام، ابتعدي عن أنور، وليس لأنني أريد قضيتك مثلًا بل سأعطيك اسم أي محامي محترم إلا إذا كانت قضيتك قضية مشبوه فأنصحك به.
كنت مذهولة…..
أنوري أنا زير نساء، كيف ذلك؟ وحبي له، تضحياتي من أجله، أنا من جعلته ما هو عليه، لقد وفرت له كل شيء، يا الله عونك، زوجي أنا وحبيبي منحط أخلاقيًا لهذه الدرجة.
توجهت لبيت والدته، معي المفتاح فتحت لأسمعه يحدث والدته
– يا أمي كفي عن تقريعي لعدم الزواج.
– يا بني أريد أن أفرح بأولادك، تزوج بدلًا من الأرض البور التي معك.
– الآن أصبحت أرض بور، ألم تكن حبيبتك ونور عينك؟
– وما زالت نور عيني وأحبها، لكني أحبك أكثر وأريد أن أرى أولادك.
– حقًا لقد مللت من هذا الموضوع، اسمعي يا أمي لننتهي من هذه المسألة، سأقولها لكِ وأنا صادق بها وتأكدت منها تمام التأكيد، أنا لا أستطيع الإنجاب.
– لا تقل هذا.
– إنها الحقيقة أنا عقيم، عقيم، عقيم، وساره امرأة في كامل خصوبتها، وتستطيع أن تنجب بدلًا من الطفل عشرة.
– يا ربي ولماذا أخبرتنا أنها لا تنجب؟
– لكي تظل معي، فأين سأجد أخرى غارقه في حبي هكذا، ولا ترى سوى كل جميل في شخصي، وتنفق عليّ ولا تؤخر عني شيء.
كان عبودي في غرفه النوم وخرج وسمعت صوت صفعة ثم قال: أيها الناكر للجميل، أهكذا ترد الجميل لها، وأنت تعلم بعشقها لك، إن سارة لو طالت نجوم السماء لقدمتها لك.
– وأنا لم أنكر، لكنني رجل يحب النساء، وهي لا تكفيني، أيكون أمامي المحيط واكتفي ببركة، ولا تفتحوا هذا الموضوع مرة أخرى، وإياكم أن تخبروها، والآن أمي أعدي الغداء ورائي زيارة مهمة.
– ألم تقل إنك ستمضي اليوم معي؟!
– هذا ما قلته لسارة، أنا سأخرج من عندك إلى إحدى الجميلات.
فقال عبودي: لعنك الله، لا أنت أخي ولا أنا أخوك أنت في نظري ميت يا أنور، ميت.
خرجت بدون أن يشعروا بي، والدنيا في عيني استحال لونها للأسود، إلى هذه الدرجة، يكذب عليّ ويوهمني أنني عاقر، انتظرت في السيارة، نزل أنور وأنا خلفه من بعيد إلى أن وقف أمام عمارة، ونزلت له فتاة ترتدي ما يكشف أكثر مما يستر، وتوجه بها إلى مكان آخر ونزلا منها، وصعدا سويًا إلى شقة.
عدت لمنزلي…
إن سارة التي دخلت الآن ليست هي التي خرجت في الصباح، أنا الآن أشلاء امرأة، محطة كلوحة فسيفساء، يجب ألا يعلم بأني قد عرفت شيئًا، لن أهدم بيتي، يجب أن أفكر بكل روية، أنا لم يعد لي من ظهر بالدنيا، وحيدة، وأنور وأهله هم كل من لديّ، لن أجازف بفقدانهم، لأعتبر أنه كابوس، لأنسى كل ما عرفته، سيكون صعبًا بالتأكيد، لكن لن يكون مستحيلًا، المستحيل هو ابتعادي عن أنور.
دخل أنور وبكل هدوء سألته: لماذا تأخرت أنور؟
– وهل هذا سؤال؟ أنتِ تعلمين بأنني كنت عند أمي.
– وكيف حالها؟ هل فاتحتك في موضوع الزواج كالعادة؟
– اطمئني لن تفتحه مره أخرى، ولن تحدثك فيه، لقد أقنعتها أنني لا أريد سواكِ وإذا أرادت أطفالا فلتلح على عبودي ليتزوج هو.
– حسنًا أنا مرهقة وسأنام.
– انتظري أريدك في أمر مهم.
– ما هو؟
– أريد نقودًا لأشتري شاليه في مارينا.
– لكن كل ما لدي لن يكفي.
– لا يهم ندفع ما تمتلكين ونقسط الباقي.
– ومن سيدفع الأقساط؟
– أنتِ يا حلوتي.
سكتت قليلًا ثم قلت: كما تريد حبيبي، لكن النقود في شهادة استثمار، ستنتهي بعد شهر، خسارة أن نلغيها الآن انتظر فقط هذا الشهر.
وافق متبرمًا، تركته ودخلت لأنام.
بعد فترة…
أخبرته أن يتفرغ بنهاية الأسبوع لنسافر سويًا للاستجمام، وافق بالطبع،
أعطيت الخدم أجازه أسبوعين فلن نكون موجودين، أريد التفرغ لحبيبي، قبل سفرنا بثلاثة أيام ذهب لعمله، وأنا ذهبت للبنك في استدعاء مهم، وفي الظهيرة جاءتني رسالة بأنه سيذهب في مهمة خاصة بقضية وسيبيت يومان ويأتي على ميعاد السفر، كنت معتادة على هذا زوجي وحبيبي يحب أن يقوم بالتحريات وجمع المعلومات في القضايا بنفسه إنه متميز، ويمنع عليّ منعًا تامًا أن أتصل به لكيلا أشغله، أو أشتت تركيزه.
في اليوم المقرر لسفرنا استدعوني للعمل لطارئ مهم آخر وعدت في ميعاد السفر لم يظهر، هاتفته طوال النهار، هاتفه مغلق، اتصلت على أمه لم يكن عندها وكلمت عبودي قلت له:
– أنا خائفة يا عبودي، إنه غائب منذ يومان، وكان اتفاقنا أنه سيعود في موعد السفر لاصطحابي، حتى أنه وضع حقائب السفر بعد تجهيزها في سيارته، قال لي لكيلا ننسي شيء، استدعوني للعمل وعندما عدت انتظرته، لم يكن قد وصل وهاتفه مغلق يا عبودي.
وأخذت في البكاء
– لقد تركني، أنور تركني، اسأل أمي إحسان، بالتأكيد لقد أقنعته أن يتزوج لينجب، حسنًا أنا موافقه فليتزوج، لكن لا يتركني هكذا وحيدة، بدون أنور سأموت، سأموت.
– اهدئي يا ساره نحن قادمون.
…….
– سارة، أين ذهبتِ؟
…….
– سارة.
حضر عبودي وإحسان وغادة بسرعة، كسروا باب الشقة فلقد كان مغشيًا عليّ
قاموا بإفاقتي لأسألهم:
– هل جاء؟
إجابتهم كانت بالنفي، أمسكت يد احسان: بالله عليك يا أمي، لا تخفي عني شيئًا، لن أثور أبدًا، لكن طمئنيني عليه، أنور تركني يا أمي تركني، بالتأكيد تزوج أنتِ تعرفين، أليس كذلك؟ تزوج لينجب.
احتضتني هي وغادة وقالت لي: لا يا بنيتي بالتأكيد لم يتركك.
ظل الجميع معي وأنا في حالة يرثي لها، درت مع عبودي على كل المستشفيات ومراكز الشرطة، كل منا كان يبحث في مكان حتى غادة وأمي إحسان.
بعد يومين قدمنا بلاغ باختفائه، الكل يبحث عن أنور، وأنا معهم أين زوجي؟ أين حبيبي؟ عبودي وأمي إحسان لم يفارقاني أبدًا وغادة أيضًا معي تواسيني، هزلتُ ونقص وزني، فقدت وعيي، وأدخلوني المشفى.
البوليس يحقق ولم يصل لشيء ملموس…
مكالمة من رقم عمومي تلقاها أنور، علموا بها من شركة المحمول، أنور ركب سيارته بعد أن وضع بها الحقائب بشهادة البواب، السيدة سارة نزلت في ذلك اليوم قبله وعادت آخر النهار بمشتريات وساعدها البواب بحملها.
بعد يومان نزلت السيدة وعادت بوقت الظهيرة بشهادة البواب.
البوليس حقق مع الكل فأنور رجل له الكثير من المعارف الآن ولن يمر موضوع اختفائه مرور الكرام.
حقق البوليس معي
– لماذا أعطيتِ الخدم إجازة؟
– كل فترة أفعل هذا لأدلل أنور.
– لماذا حجزتم للسفر؟
– للاستجمام.
– من الذي قام بحجوزات السفر؟
– أنور.
– أنتِ كنتِ في إجازة من البنك لماذا ذهبت للبنك مرتان؟ وإلى أين ذهبت بعد خروجك؟
– بالمرة الأولي كان هناك خطأ في كتابة أوراق مهمة وأنا من يجب عليها إعادة الكتابة إنها مسؤوليتي، وبعدها ذهبت للتبضع، في المرة الثانية درج مكتبي كان مغلقًا وللأسف السكرتيرة وضعت بالخطأ ملف لم يكن يجب أن يوضع فيه، ذهبت لهم وأعطيتهم الملف وعدت للمنزل، فذلك اليوم الذي كان يجب أن نسافر فيه.
– كيف لم تهاتفي زوجك لمده يومان؟
– هذا طلبه، أخبرني أنه يجمع المعلومات لقضية، وإن كنت كلمته لأقام الدنيا ولم يقعدها، والكل يعلم ذلك.
– لماذا أخذ الحقائب قبل السفر بيومين؟
– لأنه سيعود من مهمته ليصحبني ونغادر مباشرة ولا يريد أن ننسى شيئًا.
واستمرت التحقيقات
بعد فتره وجدت السيارة غارقه في إحدى المناطق البعيدة من ترعه المنصورية ولا أثر لأنور فقط الحقائب بالسيارة.
أمي إحسان وغادة كانتا دائما معي، عبودي كان يطمئن عليّ دائما
بعد فترة….
عدت لعملي والكل يواسيني، ارتديت الأسود، أُغلق مكتب أنور وأعيدت ملفات قضاياه لأصحابها.
عبودي كان بجواري دائمًا يساعدني في كل ما احتاجه.
كيف لم انتبه لهذا قبل الآن نظرات عبودي لي نظرات عاشق، أيكون هاجسي صحيحًا؟ أتراه يحبني؟
بالطبع ما زلت أزورهم دائمًا فهم أهلي وكل ما لي، الكل كان يتحسر عليّ وعلى شبابي وكيف أنني أصبحت وحيدة، ويتساءلون عن سبب اختفاء أنور، استقر في ذهن الجميع أن أنور تركني ليتزوج أخرى، لكن الله قدر له الغرق والتيار سحب جثته بعيدًا ولهذا لم يجدها رجال البحث.
بعد فتره كان عبودي مسافرًا في عمل فطلبت مني إحسان وغادة أن أبيت عندهما كان يومًا كارثيًا لن ينسى أبدًا
استيقظت غادة في ذلك اليوم لتستحم كالعادة
ثم سمعنا صراخها في الحمام: شعري شعري.
هرعنا لها نطرق الباب: افتحي يا غادة افتحي.
وهي تبكي وتقول: شعري، شعري.
فتحت الباب لنصدم من المنظر شعرها قد سقط وأرضية رأسها قد ظهرت في مناطق متفرقة، ذهبت معها للطبيب أخبرها أنها بالتأكيد استخدمت كريم لإزالة الشعر على رأسها، وبختها لأنها تشتري كريمات لشعرها من أماكن غير معروفة وماركات مجهولة وبالتأكيد هذا السبب، ظلت فترة طويلة إلى أن بدأ شعرها ينبت مرة أخرى.
ومرت السنوات الأربع وسط انشغالي بعملي وزياراتي لإحسان وغادة أو زياراتهما لي.
أُعلنت وفاه أنور رسميًا وتقاسمنا الميراث، عبودي قام بتكبير ورشته التي أصبحت المقصد الأول لكل المنطقة، وعين بها عمالًا وأصبح هو المشرف على العمل، بعد إعلان وفاه أنور نظرات عبودي لي أصبحت أكثر وضوحًا، أنا متأكدة أنه يحبني بدأت إحسان وكذلك غادة في التلميح لي بذلك.
تقدم لغادة عريس ووافق عليه عبودي وكان العريس سيأخذها معه للخارج وتم العرس سريعًا، في حفل الزفاف تزينت وكأني أنا العروس، قمت بعمل بروتين لشعري بدلًا من ارهاقه بالفرد كل فترة وارتديت فستانًا أسود من الشيفون فستان قصير يصل لركبتي، الكل كان يهنئني فأنا في مقام أخت العروس، ويدعون لي أن يعوضني الله عن أنور.
ما أن رأتني إحسان حتى تهللت أساريرها، وبدأت في الدعاء لي،
دخل عبودي القاعة فلقد كان ينهي بعض الأشياء وجاء متأخرًا، عندما رآني التمعت عيناه واقترب مني قائلًا: تبدين كالقمر سارة، لكن الفستان قصير هل يصح هذا منك؟ الرجال تنظر لك.
ضحكت وقلت له: نحن في حفل زفاف عبودي، ماذا تريدني أن أرتدي؟ عباءة.
– يا ليت لو بيدي لأخفيتك عن الكل.
ونظر لي نظرة أقسم أنها زلزلت كياني، وكأنني لم أحب أنور أبدًا، وكأنه هو أول من يخفق قلبي له، تداركت نفسي سريعًا وابتعدت لأصعد لغادة أرقص معها.
قام منسق الأغاني بتشغيل أغنيه رقص شرقي وتوسلت غادة لي أن أرقص وكذلك أمي إحسان فهم يعلمون أني ماهره بالرقص، طلبت منهم الالتفاف حولي لكيلا يراني الكل وأخذت أرقص.
في هذه الأثناء كان عبودي يقف بعيدًا، ووجه نظره للشاشة التي يعرض عليها أحداث الحفل ورآني أرقص، فجاء مسرعًا بين الفتيات، ووجه لي نظرة نارية فكففت عن الرقص وهمس في أذني: لو تحرك خصرك مرة ثانية سأكسره لكِ.
صَمِتُ خوفًا منه فهو عندما يغضب لا يرى أمامه.
أوصلني عبودي وإحسان لشقتي
وإحسان متضايقة: يا بنيتي أستظلين بمفردك هكذا؟
– إذن تعالي واجلسي معي.
– وهل أترك عبودي بمفرده؟
– فليأت معنا.
فقال عبودي متبرمًا: أنا لا أقيم في مكان ليس بمكاني يا سارة، اصعدي معها يا أمي وسآتي في الصباح لأطمئن عليكما.
صعدت إحسان معي، بدلت ملابسها، فهي لها ملابس عندي وقالت: يا ابنتي هل ستظلين وحيدة هكذا؟ أعرف أنك كنت تحبين أنور جدًا، لكنه توفي، وأنتِ ما زلت صغيرة وثرية وستكونين مطمعًا للكل.
– كيف ذلك؟ لدي أنتِ وعبودي تحمياني.
– لو تزوج لن ترضى زوجته أن يعتني بك، لا يوجد سوى حل واحد.
– ما هو؟
– تتزوجين أنتِ وعبودي.
ألجمتني المفاجأة
– فكري جيدًا وفي الصباح أعلميني رأيك، عبودي هو من طلب مني سؤالك.
في الصباح استيقظت مبكرًا وأعددت لي ولإحسان القهوة: تفضلي يا سوسو.
ضحكت وقالت: لم تعودي تناديني أمي.
– أقوم بتدليلك يا قمري.
– أخبريني هل فكرتِ؟
– فكرت.
– وما رأيك؟
– موافقة.
فأطلقت إحسان زغرودة ورن جرس الباب وكان الطارق عبودي
انفرجت أساريره وسكن السرور ملامحه حين علم بموافقتي، وطلب أن يحدثني لوحدنا، وأسر لي أن أنور كان خائنًا، كذلك أخبرني أنه لا مانع لدي من الانجاب وأن أنور كان عقيمًا كاذبًا، وأصر على اصطحابي لأشهر معمل تحاليل وأن أعيد إجراء التحاليل وقد كان.
وبعد ظهور النتيجة قال: اسمعيني جيدًا سارة، هناك شروط لي لإتمام الزواج ويجب أن أنال موافقتك الكاملة.
– تفضل.
– لن نقيم في شقتك ولك الاختيار ببعيها أو تأجيرها، مالك وأنتِ حرة به.
– وأين سنقيم؟
– سأبيع الشقة التي نقيم بها ونشتري شقة في مكان أرقى قليلًا، قليلًا يا ساره وليس كثيرًا.
ضحكت: موافقة.
– ستستقيلين من عملك، أنا لا أرضى أن تعمل زوجتي.
– ومن أين سأنفق؟
قال غاضبًا ضاربًا بيده على الطاولة: وهل أنا لا أملأ عينك؟ ما بك؟ سأعطيك ما يكفيك بالمعقول والأصول، ولن ينقصك شيء أبدًا بإذن الله.
ضحكت: موافقة.
أكمل محذرًا: لن تضعي قرشًا واحد من أموالك في مصروف المنزل أو احتياجاته، المنزل يسير وفق ما أستطيع، ونقودك خاصة بك لا شأن لي على الإطلاق بها.
ضحكت وأنا أقارن في عقلي بينه وبين أنور فشتان ما بين الاثنان
– موافقة يا عبودي على ما تقوله.
– ستقيم أمي معنا بالطبع فهي ليس لها أحد بعدي وبعد سفر غادة.
– هذا أمر بديهي.
– سنذهب لشراء شبكتك، ولكن لن نزيد عن الخمسين ألف هذه مقدرتي.
– صدقني لا أريد شبكه ضع النقود في الشقة والأثاث.
– كما تريدين.
#نشوة_أبوالوفا
#nashwa_aboalwafa .