قصص قصيرة

مرشح آخر زمن – بقلم أشرف ماهر ضلع

مرشح آخر زمن بقلم أشرف ماهر ضلع

قصة قصيرة

مرشح آخر زمن

بقلم أشرف ماهر ضلع 

في قرية “الدَّهاء العظمى”، كان كل أربع سنوات يظهر رجال لم يكن لهم وجود يُذكر، فجأة يصبحون رموز الخير والعطاء. كانوا يتبارون في إطعام الجائعين، وتسميع الصغار سور القرآن، وتنظيم مباريات كرة القدم بين حارات القرية، وكأن ذلك من شروط الترشح للمجلس النيابي!

 

جاء موسم الانتخابات، فظهر الشيخ “مرجان الهمام”، الذي لم يُرَ في المسجد من قبل، وهو يوزع المصاحف ويشرف بنفسه على مسابقة لحفظ القرآن، حتى قال أهل القرية:

— “سبحان الله! كأنه وُلد حافظًا للقرآن لكنه كان يخفي الأمر تواضعًا!”

 

وفي اليوم التالي، لبس “مرجان” زيًّا رياضيًّا لم يره عليه أحد من قبل، ونزل إلى ملعب القرية وهو يصرخ:

— “الرياضة أخلاق قبل أن تكون فوزًا!”

ثم نفث أنفاسه بعد دقائق قليلة، قائلًا:

— “الحمد لله أني لم أصبح لاعبًا وإلا لكانت الأندية كلها تطلبني!”

 

وعند غروب شمس الجمعة، كان الشيخ “مرجان” يشرف على مأدبة إفطار جماعي، يوزع التمر والماء بنفسه، بل وقف عند باب المسجد يصافح الجميع ويبتسم ابتسامة لا تفارقه، وكأنها جزء من برنامجه الانتخابي.

 

ومع انتهاء الانتخابات، فاز الشيخ “مرجان”، لكن الغريب أنه اختفى كما ظهر!

ذهب الأطفال يسألونه عن المسابقة القرآنية، فقيل لهم إنه مشغول بقضايا الأمة.

سأل الرياضيون عن الدورات الرياضية، فقيل لهم إنه في اجتماع مغلق مع شخصيات مهمة.

ذهب الفقراء يبحثون عن وجبات الإفطار، فوجدوا باب بيته مغلقًا، والحارس يقول لهم:

— “لا مواعيد دون إذن رسمي!”

 

وحين مرت السنوات، وبدأت حملات الانتخابات من جديد، سمع أهل القرية صوتًا مألوفًا يصدح:

— “أيها الأحباب، جئتكم بالخير والمكارم!”

 

فقال أحد الصبية ساخراً:

— “لا بد أن المجلس النيابي أعلن عن مقاعد جديدة!”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى