شعر و ادب

أوجاع الروح: بقلم الكاتب والمخرج / تامر_جلهوم.

أوجاع الروح: بقلم الكاتب والمخرج / تامر_جلهوم.

عندما كنت فى الأمس أسمع مقطوعة موسيقية للموسيقار الكبير/عمر خيرت
بعنوان أوجاع الروح فأتبنى شعور جميل فسرحت لبضع لحظات وتسألت فى نفسى هل للروح أوجاع؟؟؟!! فكتبت عندماتتألم الروح فلا لقاء بلا فراق لمجرد إحساسنا بفقد إنسان قريب إلى قلوبنا وعزمه على مفارقتنا فنشعر بالحزن العميق .
فكيف إذا غادرنا فعلاً..؟!فهل هناك ما هو أكثر ألماً من الوداع ..؟
فعندما يتألم الجسد فيشفى بالحياة أو بالموت !.
فترى ألم الروح التي حسبت أنها ستختصر الأعمار في عمر ثم علمت أنها كانت في أمنياتها على غرر !
وتسألت هل هى ألم الروح التي لم تشفق من حمل الأمانة ومسؤولية التكليف فحملتها؟؟؟!!!.
أما ألم الروح التي تعلم أن العقل هو أشرف أركان الإنسان وأن الوعي هو أشرف أعمال العقل وأن الحزن لبعض ثمرات هذا الوعي .
أما ألم الروح التي هالها إنكفاء العقل المسلم وخمود توهجه وإصابته بالجمود الذي يقوده إلى الجحود.
أما ألم الروح التي لا تزال تصرخ في وديان الصمت: أين المسلم !
ثم لا يأتي جواب الوديان إلا هكذا : أين المسلم !..
أما ألم الروح الغريبة التي كلما حاولت هتك أستار الغربة أقعدها عجزها عن البيان .
أما ألم الروح عندما تعجز حتى عن آهة وأنين وعن دواء وطبيب وعن وجوه مؤانسة وحروف مواسية !
أما ألم الروح الذي يمتد كلما أمتد الزمن !
فرأيت أن إنتظار الوداع هو الأكثر ألماً من حدوثه لاسيما إن كان واقعاً لامحالة
فأحياناً يكون ترقب الحدث أكثر قسوة وتأثيراً على النفس من الحدث نفسه .
فيحدث ألم عند تخيله وتعب من ترقبه وعدم القدرة على أستيعابه وتخيل حياتنا بعد ذلك فيقولون لالقاء بلا فراق وكأن هذه الحروف ستكفكف دموعنا وتشفي
جراحنا وتجعلنا ننظر إلى الفراق كأي حدث عادي قد يكون الفراق حدث عادي موجود بوجود الإنسان وكلمة الوداع عادية تتكررفي أحاديثنا وأمثالنا وقصائدنا ولكن يبدو أن أكثر الأحداث ألما هو ما يوصف بأنه عادي وما نقر ونجزم بوقوعه .
تمر علينا اللحظات بطيئة فنشعر بالأرق ويغادرنا الكرى وتغتال المرارةأعماقنا .
تطاوعنا دموعنا حينا وتخوننا حيناً أخرى لتزيد من حرقة الآلام داخلنا .
وما يزيد من متاعبنا عندما يجب أن نتألم بصمت حتى لا نشعر من سيغادرنا
بمعاناتنا فما أشد ماتتألم الروح عندما تكبل الأحزان داخلها حتى لا ننغص على
من نحبهم بما نحمله من خوف وهم ويكون بمثابة قتل للروح فعندما نخفي دموعنا
ونستبدلها بأبتسامة نحاول أن نزرع بها بعض من السعادة في قلب من سيغادرنا في لحظات الوداع الأخيرة لكن بالرغم من غياب الأحباب وفقدهم إلا أنهم يظلون في قلوبنا لا يغيبون أبداً فتحيي صورتهم في وجداننا الذكريات التي جمعتنا وتزيد من بريقها كل لحظة صادقة آزرونا فيها والتحمت مشاعرنا فيها مع مشاعرهم فنشتاق إليهم .
فيتعبنا الوجد وتزورنا أطيافهم في أحلامنا تارة وفي يقظتناتارة أخرى لتزيد من شوقنا إليهم ولتزيد من بغضنا لذكرى ذلك الوداع حتى ليبدو لي أحيانا أن مرارة الذكريات تشترك مع ترقب الحدث في كونها أكثر مرارة من الحدث ذاته.
فنتمنى النسيان فلا نستطيع ويبدو لنا أنه لا أمل في النسيان ولا أمل في اللقاء
ولا طريق إلا التناسي فنخدع أنفسنا ونوهمها بالنسيان حتى نضمد ولو ظاهرياً بالجرح كمن يتناول المسكنات لتسكن الألم مؤقتاً فلا الألم أنتهى ولا المسكنات ساهمت في
شفائه فيظل في القلب أمنية أن لا يفارقنا عزيز ولو أضطررنا أن نكون نحن من نغادر
أحبابنا في وداع واحد ونبتعد حتى لا نفجع كل يوم بمن يغادرنا .
وتسألت مع نفسى هل الحل عدم التعمق في علاقاتنا مع الآخرين وإنتهاج طريقة جديدة في التعامل السطحي بدون أن يكون للمشاعر طرف في علاقاتنا ؟!!
وهل نكبح مشاعرنا مع البعض الذين نعرف أننا سنغادرهم لا محالة حتى لانتألم
عندما نفارقهم ونطلق لها العنان مع البعض الآخر ؟!
وهل من الجنون أن نتمنى في لحظة أن نكون أشبه بالإنسان الآلي الذي لا يفقه
معنى المشاعر والحب والغلا وألم الفراق ؟!!
تلك هى كلمات من وجدان أعماقنا فى بحر من الذكريات تهيجها جميعاً أي ريح خفيفة لذكرى موجعة فيخطأ من يظن أن توقف دموعنا دليل على أننا ألفنا فقد من فقدانهم .
فكم هو مؤلم أن لا نستطيع البوح بما في داخلنا وتصمت الكلمات على شفاهنا
فأعلم عزيزى القارىء أنه بالرغم من الحنين والشوق قد يسكن التناسي فيبقى الألم مؤقتاً لكنه ربما يضعنا بعد ذلك أمام مرارةوجراح لا تبرأ ولا يتناقص ألمها فجميل جداً أن تزورنا أطياف من فقدناهم في أحلامنا لكن قمة المرارة أن نكتشف بعد ذلك أنه كان حلم فتلك هى أوجاع الروح عزيزى القارىء فلا تتعجب…..!!!!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى